وأخّره إلى حادى عشر حزيران وسمّاه النّوروز المعتضدىّ، وقصد بذلك الرّفق بالرعيّة، ومنع الناس ما كانوا يعملونه في كل سنة من إيقاد النّيران وصبّ الماء على الناس، فكان ذلك من أحسن أفعال المعتضد. وفيها لليلتين خلتا من المحرّم قدم ابن الجصّاص بقطر النّدى بنت خمارويه صاحب الترجمة إلى بغداد فأنزلت في دار صاعد، وكان المعتضد غائبا بالموصل، فلمّا سمع بقدومها عاد الى بغداد ودخل بها فى خامس شهر ربيع الأوّل بعد أن عمل لها مهمّا يتجاوز الوصف. وفيها قتل خمارويه صاحب الترجمة وقد نقدّم ذكر مقتله في ترجمته. وفيها توفى عبد الرّحمن ابن عمرو بن عبد الله بن صفوان بن عمرو الحافظ أبو زرعة النّصرىّ «١» الدّمشقىّ، كان من أئمة الحفّاظ، رحل إلى البلاد وكتب الكثير حتى صار شيخ الشام وإمام وقته، وكتب عنه خلائق؛ وكانت وفاته بدمشق في جمادى الآخرة. وفيها توفى محمد «٢» ابن الخليفة جعفر المتوكّل عمّ المعتضد، وكان فاضلا شاعرا وهو القائل لمّا أراد أخوه المعتمد الخروج إلى الشام والدنيا مضطربة:
أقول له عند توديعه ... وكلّ بعبرته مبلس
لئن بعدت عنك أجسامنا ... لقد سافرت معك الأنفس
وفيها توفى محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن عمارة بن القعقاع أبو قبيصة الضّبّىّ كان صالحا عابدا مجتهدا سمع من سليمان وغيره، روى عنه جماعة كثيرة.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم خمس أذرع سواء مثل الماضية، مبلغ الزيادة أربع عشرة ذراعا واثنتان وعشرون إصبعا.