الذي ردّ الدولة يوم الطواحين «١» لمّا انهزم أبوك، وكان يقرّع أباك بهزيمته يومئذ ويذيع ذلك عند خاصّته. ويقولون «٢» أيضا: إنه هو الذي همّ «٣» بالوثوب حتى صنع أهل برقة فيه ما صنعوا، ويتلفّت الى أهل برقة ويرى أنهم أعداؤه، ويتربّص بهم أن تدول له دولة فيأخذ بثأره «٤» منهم، فهو يتلمّظ «٥» إلى الدولة والى ما في نفسه مما ذكرناه والمنايا تتلمّظ إليه كما قال الشاعر:
تلمّظ السيف من شوق إلى أنس ... والموت يلحظ والأقدار تنتظر
فعند ذلك قبض عليه جيش هذا ودسّ إليه من قتله، ثم قال عنه: إنه مات حتف أنفه؛ وتحقّق الناس قتله فنفرت القلوب عنه أيضا، لكونه قتله بغيا عليه وتعدّيا. ثم اشتغل بعد ذلك جيش بهذه الطائفة المذكورة عن حقوق قوّاد أبيه وعن أحوال الرعيّة، وكانت القوّاد أمراء شدادا يرون أنفسهم بعينها «٦» فى التقديم والرياسة والشجاعة، وإنما كان قيّدهم «٧» أبوه خمارويه بجميل أفعاله وكريم مقدّماته اليهم ولسعة الإفضال عليهم، وهم مثل خاقان المفلحى «٨» ، ومحمد بن إسحاق بن كنداج «٩» ،