الى العراق؛ فعظم ذلك على الخليفة المكتفى وجهّز إليه العساكر ثانيا صحبة فاتك المعتضدىّ في البرّ وجهّز دميانة في البحر؛ فقدم فاتك بجيوشه حتى نزل بالنّويرة «١» .
وقد عظم أمر الخلنجىّ هذا، وأخرج عيسى النّوشرىّ عن مصر وأعمالها بأمور وقعت له معه ذكرناها في ترجمة عيسى النوشرىّ، ليس لذكرها هنا ثانيا محلّ. ولما بلغ الخلنجىّ مجىء عسكر العراق ثانى مرّة صحبة فاتك، جمع عسكره وخرج إلى باب المدينة وعسكر به، وقام بالليل بأربعة آلاف من أصحابه ليبيّت «٢» فاتكا وأصحابه، فضلّوا عن الطريق وأصبحوا قبل أن يصلوا الى النويرة؛ فعلم بهم فاتك فهضّ «٣» أصحابه والتقى مع الخلنجىّ قبل أن يصلوا الى النويرة، فتقاتلا قتالا شديدا انهزم فيه الخلنجىّ بعد أن ثبت ساعة بعد فرار أصحابه عنه، ودخل إلى مصر واستتر بها لثلاث خلون من شهر رجب، ثم قبض عليه وحبس، حسبما ذكرناه في ترجمة النوشرىّ؛ ثم دخل دميانة بالمراكب إلى مصر وأقبل عيسى النوشرىّ من الصعيد ومعه الحسين الماذرائىّ ومن كان معهما من أصحابهما لخمس خلون من رجب المذكور؛ وعاد النوشرىّ إلى ما كان عليه من ولاية مصر، والحسين الماذرائىّ على الخراج؛ وزالت دولة محمد بن علىّ الخلنجىّ عن مصر بعد أن حكمها سبعة أشهر واثنين وعشرين يوما، كلّ ذلك ذكرناه في ترجمة النوشرىّ ولم نذكره هنا إلا لزيادة الفائدة؛ وأيضا لما قدّمناه في أوّل ترجمته. ثم إنّ عيسى النوشرىّ قيّد محمد بن علىّ الخلنجىّ هذا وجماعة من أصحابه، وحملهم في البحر إلى أنطاكية ثم منها في البرّ إلى العراق إلى حضرة الخليفة، فأوقف بين يديه فوبّخه ثم نكّل به، وطيف به وبأصحابه على الجمال، ثم قتل شرّ قتلة، وزالت دولته وروحه بعد أن أفسد أحوال الديار المصريّة