الداعى إلى سجلماسة «١» فافتتحها وأخرج المهدىّ عبيد الله «٢» وولده من حبس اليسع [ابن مدرار «٣» ] وأظهر أمره وأعلم أصحابه أنّه صاحب دعوته وسلّم عليه بأمير المؤمنين، وذلك في سابع ذى الحجة من سنة ستّ هذه. وعبيد الله هذا هو والد الخلفاء الفاطميّين وهو أوّل من ظهر منهم كما سيأتى ذكره إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب فى ترجمة المعزّ وغيره. وفيها توفّى أحمد بن محمد بن هانئ أبو بكر الطائى الأثرم الحافظ، سمع الكثير ورحل [الى] البلاد وصنّف علل الحديث والناسخ والمنسوخ في الحديث، وكان حافظا ورعا متقنا. وفيها توفّى أمير المؤمنين أبو العبّاس عبد الله ابن الخليفة المعتزّ بالله محمد ابن الخليفة المتوكّل على الله جعفر ابن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد هارون ابن الخليفة محمد المهدىّ ابن الخليفة أبى جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علىّ بن عبد الله بن العباس الهاشمىّ العباسىّ البغدادىّ، الشاعر الأديب صاحب الشعر البديع والتشبيهات الرائقة والنثر الفائق، أخذ العربيّة والأدب عن المبرّد وثعلب وعن مؤدّبه أحمد بن سعيد الدمشقىّ، ومولده في شعبان سنة تسع وأربعين ومائتين، وأمّه أمّ ولد تسمّى خاين «٤» ، بويع بالخلافة بعد خلع المقتدر وكاد أمره أن يتمّ ثم تفرّق عنه جمعه فقبض عليه وقتل سرّا في شهر ربيع الآخر، كما ذكرناه في أوّل هذه السنة. ومن شعره:
انظر إلى اليوم ما أحلى شمائله ... صحو وغيم وإبراق وإرعاد
كأنّه أنت يا من لا شبيه له ... وصل وهجر وتقريب وإبعاد