وأصله من نهاوند «١» إلا أنّ مولده ومنشأه ببغداد؛ وكان سيّد طائفة الصوفيّة من كبار القوم وساداتهم، مقبول القول على جميع الألسن، وكان يتفقّه على مذهب أبى ثور «٢» الكلبىّ؛ أفتى في حلقته وهو ابن عشرين سنة؛ وأخذ الطريقة عن خاله سرىّ السّقطىّ، وكان سرىّ أخذها عن معروف الكرخىّ، ومعروف الكرخىّ أخذها عن علىّ بن موسى الرّضا. قال الجنيد: ما أخرج الله إلى الناس علما وجعل لهم إليه سبيلا إلّا وقد جعل لى فيه حظّا ونصيبا. وقيل: إنه كان اذا جلس بدكّانه كان ورده في اليوم ثلثمائة ركعة وكذا «٣» وكذا ألف تسبيحة. وقيل: إنه كان يفتح دكّانه ويسبل الستر ويصلّى أربعمائة ركعة. وقال الجريرىّ «٤» : سمعته يقول: ما أخذنا التصوّف عن القال والقيل لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات [والمستحسنات «٥» ] . وذكر أبو جعفر الفرغانىّ أنه سمع الجنيد يقول: أقلّ ما في الكلام سقوط هيبة الرب سبحانه وتعالى من القلب، والقلب إذا عرى من الهيبة عرى من الإيمان. ويقال: إنّ نقش خاتم الجنيد:" إن كنت تأمله فلا تأمنه". وعن الخلدىّ «٦» عن الجنيد قال: أعطى أهل بغداد الشطح والعبادة، وأهل خراسان القلب