عبد الله بن طاهر. وفيها توفّى بدر [بن عبد الله «١» ] الحمامىّ الكبير أبو النجم «٢» المعتضدىّ، كان أوّلا مع ابن طولون فولّاه الأعمال الجليلة، ثم جهّزه خمارويه إلى الشأم لقتال القرمطىّ فواقعه وقتله، ثم ولى من قبل الخلفاء أصبهان وغيرها إلى أن مات على عمل مدينة «٣» فارس، وكان أميرا ديّنا شجاعا وجوادا محبّا للعلماء والفقراء؛ وقيل: إنّه كان مستجاب الدعوة؛ ولما مات ولّى المقتدر مكانه ابنه محمّدا. وفيها توفّى محمد بن جرير ابن يزيد بن كثير «٤» بن غالب أبو جعفر الطبرىّ العالم المشهور صاحب التاريخ وغيره، مولده في آخر سنة أربع وعشرين ومائتين أو أوّل سنة خمس وعشرين ومائتين، وهو أحد أئمة العلم، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه، وكان متفنّنا في علوم كثيرة، وكان واحد عصره؛ وكانت وفاته في شوّال بخراسان، وأصله من مدينة طبرستان. قال أبو بكر الخطيب:«جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فكان حافظا لكتاب الله، بصيرا بالمعانى، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، ناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين، بصيرا بأيّام الناس وأخبارهم؛ له الكتاب المشهور في تاريخ الأمم، وكتاب التفسير، وكتاب تهذيب الآثار لكن لم يتمّه؛ وله في الأصول والفروع كتب كثيرة» . انتهى. وفيها توفّى أحمد بن يحيى بن زهير أبو جعفر التسترىّ الحافظ الزاهد، سمع الكثير وحدّث وروى عنه خلق كثير. قال الحافظ أبو عبد الله بن مندة: ما رأيت في الدنيا أحفظ من أبى جعفر التسترىّ؛ وقال التسترىّ: ما رأيت في الدنيا أحفظ من أبى زرعة الرازىّ؛ وقال أبو زرعة: ما رأيت في الدنيا أحفظ من أبى بكر بن أبى شيبة.