وقعت أمور ألجأت مؤنسا الى الخروج من بغداد الى الشمّاسيّة، وكتب الى المقتدر يطلب منه مفلحا «١» الأسود؛ فقويت الوحشة بين المقتدر وبين مؤنس حتى أرسل المقتدر الى قتاله ثلاثين ألفا، وكان مؤنس في ثمانمائة، فانتصر عليهم وهزمهم وملك الموصل. وفيها كان الوباء المفرط ببغداد حتى كان يدفن في القبر الواحد جماعة.
وفيها توفّى الحسن بن علىّ بن أحمد بن بشّار أبو بكر الشاعر المشهور الضرير النّهروانىّ «٢» المعروف بابن العلّاف، أحد ندماء المعتضد، وكان من الشعراء المجيدين. قال: كنت فى دار المعتضد مع جماعة من ندمائه، فأتى الخادم ليلا فقال: أمير المؤمنين يقول لكم: أرقت الليلة بعد انصرافكم، فقلت:
ولمّا انتبهنا للخيال الذي سرى ... إذا الدّار قفر والمزار بعيد
وقد أريج علىّ تمامه. فمن أجازه بما يوافق غرضى أمرت له بجائزة؛ قال: فأرتج على الجماعة، وكلّهم شاعر فاضل، فابتدرت وقلت:
ومن شعر ابن العلّاف هذا قصيدته التى رثى فيها [المحسن «٣» بن أبى] الحسن ابن الفرات الوزير وكنى عنه بالهرّ خوفا من الخليفة، وعددها خمسة وستون بيتا، وأوّلها: