خمسين ذراعاً في عرض ثلاثين؛ ويقال: إنه وقف على إقامة قبلته ثمانون رجلاً من الصحابة، منهم: الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وأبو ذر الغفاري، وأبو بصرة الغفاري، ومحمية «١» بن جزء الزّبيدى، ونبيه ابن صواب وغيرهم، وكانت القبلة مشرقة «٢» جداً، وإن قرة بن شريك لما هدم المسجد المذكور وبناه في زمان الوليد بن عبد الملك بن مروان تيامن بها قليلا.
وذكر الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة: [أنهما «٣» ] كانا يتيامنان إذا صليا في المسجد الجامع، ولم يكن للمسجد الذي بناه عمرو محراب مجوّف، وإنما قرة بن شريك المذكور جعل المحراب المجوف.
وأول من أحدث ذلك عمر بن عبد العزيز، وهو يومئذ عامل الوليد بن عبد الملك على المدينة ليالي أسس مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هدم وزاد فيه. وكان لمسجد عمرو بابان يقابلان دار عمرو بن العاص، وبابان في بحريه، وبابان في غربيه؛ وكان الخارج من زقاق القناديل يجد ركن الجامع الشرقي محاذياً لركن دار عمرو الغربىّ، وكان طوله من القبلة إلى البحري مثل طول دار عمرو، وسقفه مطأطأ جدّا ولا صحن له؛ وكان الناس يصطفون بفنائه؛ وكان بينه وبين دار عمرو سبعه أذرع؛ وكان الطريق محيطاً به من جميع جوانبه، وكان عمرو قد اتخذ منبراً فكتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعزم عليه في كسره ويقول:
أما بحسبك أن تقوم قائما والمسلمون تحت عقبيك! فكسره عمرو.