البغدادىّ. بويع بالخلافة بعد وفاة أخيه المكتفى بالله علىّ في سنة خمس وتسعين ومائتين، وله ثلاث عشرة سنة، ولم يل الخلافة أحد قبله أصغر منه. وخلع من الخلافة أوّل مرّة بعبد الله بن المعتزّ في شهر ربيع الأوّل في سنة ستّ وتسعين ومائتين، ثم أعيد وقتل ابن المعتزّ؛ ثم خلع في سنة سبع عشرة وثلثمائة بأخيه القاهر ثلاثة أيام؛ ثم أعيد إلى الخلافة إلى أن قتل في هذه السنة. وقد تقدّم ذكر ذلك كلّه فى الحوادث من هذا الكتاب كلّ واقعة في موضعها. واستخلف من بعده أخوه القاهر محمد، وكنيته أبو منصور، وعمره يوم ولى الخلافة ثلاث وثلاثون سنة. وكانت خلافة المقتدر خمسا وعشرين سنة إلّا بضعة عشر يوما؛ وكانت النساء «١» قد غلبن عليه، وكان سخيّا مبذّرا يصرف في السنة للحجّ أكثر من ثلثمائة ألف دينار، وكان في داره أحد عشر ألف غلام خصىّ غير الصّقالبة والروم؛ وأخرج جميع جواهر الخلافة ونفائسها على النساء وغيرهنّ «٢» ؛ وأعطى الدّرّة اليتيمة لبعض حظاياه، وكان زنتها ثلاثة مثاقيل؛ وأخذت زيدان القهرمانة سبحة جوهر لم ير مثلها، [قيمتها ثلثمائة «٣» ألف دينار] ؛ هذا مع ما ضيّع من الذهب والمسك والأشياء والتّحف. قيل: إنه فرّق ستين حبّا «٤» من الصينىّ. وقال الصولىّ: كان المقتدر يفرّق يوم عرفة من الإبل والبقر أربعين ألف رأس، ومن الغنم خمسين ألفا. ويقال: إنه أتلف من المال في أيّام خلافته ثمانين ألف ألف دينار. وخلّف المقتدر عدّة أولاد ذكور وإناث. وفيها توفّى أحمد ابن عمير بن يوسف الحافظ أبو الحسين بن جوصى «٥» ، كان حافظ الشام في وقته، كان إماما حافظا متقنا رحالا. قال الدارقطنىّ: تفرّد بأحاديث وليس بالقوىّ.