للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين الناس بسبب ذلك، وصاروا فرقتين: فرقة تنكر ولاية محمد بن تكين وتثبت ولاية أحمد بن كيغلغ، وفرقة تتعصّب لمحمد بن تكين وتنكر ولاية ابن كيغلغ. ووقع بسبب ذلك فتن، وخرج منهم قوم إلى الصعيد: فيهم ابن النّوشرىّ خليفة ابن كيغلغ وغيره، وأمّر ابن النّوشرىّ عليهم، وهم مستمرّون [فى] الدعاء لابن كيغلغ. فكانت حروب كثيرة بديار مصر بسبب هذا الاختلاف إلى أن أقبل الأمير أحمد بن كيغلغ ونزل بمنية الأصبع في يوم ثالث شهر رجب سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة. فلما وصل ابن كيغلغ لحق به كثير من أصحاب محمد بن تكين، فقوى أمره بهم. فلما رأى محمد بن تكين أمره في إدبار فرّ ليلا من مصر، ودخلها من الغد الأمير أحمد بن كيغلغ، وذلك لستّ خلون من شهر رجب. فكان مقام ابن تكين على مصر في هذه الأيّام مائة يوم واثنى عشر يوما وهو غير وال بل متغلّب عليها؛ وكان المتولّى من الخليفة في هذه المرّة ابن كيغلغ المذكور؛ غير أنه كان قد تأخّر عن الحضور إلى الديار المصريّة لأمر ما. ولما دخل ابن كيغلغ إلى مصر وأقام بها أقرّ بجكم الأعور على شرطة مصر، ثم عزله بعد أيام بالحسين بن علىّ بن معقل مدّة ثم أعيد بجكم. وأخذ ابن كيغلغ في إصلاح أمر مصر والنظر في أحوالها وفي أرزاق الجند. ومع هذه الفتن التى مرّت كان بمصر في هذه السنة والماضية زلازل عظيمة خربت فيها عدّة بلاد ودور كثيرة وتساقطت عدّة كواكب. وبينما أحمد بن كيغلغ في إصلاح أمر مصر ورد عليه الخبر بخلع الخليفة القاهر بالله وتولية الراضى بالله محمد بن المقتدر جعفر. فلما بلغ محمّد بن تكين تولية الراضى بالله عاد إلى مصر بجموعه وأظهر أن الراضى ولّاه مصر؛ فخرج إليه عسكر مصر وأعوان أحمد بن كيغلغ وحاربوه فيما بين بلبيس وفاقوس شرقىّ مصر؛ فكانت بينهم مقتلة انكسر فيها محمد بن تكين وأسروجىء به إلى الأمير أحمد بن كيغلغ المذكور؛ فحمله ابن كيغلغ إلى الصعيد؛ واستقامت الأمور بمصر لأحمد بن كيغلغ. وبعد