المرصّع بالجوهر؛ وبقوا في بنائها ستّ عشرة سنة؛ وكان ينفق عليها ثلث دخل الأندلس، وكان دخل الأندلس يومئذ خمسة آلاف ألف وأربعمائة ألف وثمانين ألف درهم. وبين هذه المدينة (أعنى الزهراء) وبين قرطبة أربعة أميال. وأطوالها ألف وستمائة ذراع، وعرضها ألف وسبعون ذراعا. ولم يبن في الإسلام أحسن منها؛ لكنّها صغيرة بالنسبة إلى المدائن. وكان بسورها ثلثمائة برج. وعمل ثلثها قصورا للخلافة، وثلثها للخدم، وثلثها الثالث بساتين. وقيل: إنه عمل فيها بحرة ملأها بالزئبق. وقيل: إنه كان يعمل فيها ألف صانع مع كلّ صانع اثنا عشر أجيرا. وقد أحرقت هذه المدينة وهدمت في حدود سنة أربعمائة، وبقيت رسومها وسورها.
وفيها توفّى أحمد بن محمد بن حسن أبو حامد الشّرقىّ «١» النّيسابورىّ الحافظ الحجة تلميذ مسلم، سمع الكثير، وصنّف الصحيح، وكان أوحد عصره، وروى عنه غير واحد، ومات في شهر رمضان، وصلّى عليه أخوه عبد الله. وفيها توفّى الأمير عدنان ابن الأمير أحمد بن طولون، قدم بغداد وحدّث بها عن الربيع بن سليمان المزنىّ، وقدم دمشق أيضا وحدّث بها، وكان ثقة صالحا. رضى الله عنه. وفيها توفّى موسى بن عبيد الله ابن يحيى بن خاقان أبو مزاحم، كان أبوه وزير المتوكّل، وكان موسى هذا ثقة خيّرا من أهل السّنّة.
الذين ذكر الذهبى وفاتهم في هذه السنة، قال: وفيها توفّى أبو حامد أحمد بن محمد بن [حسن] الشّرقىّ، وأبو إسحاق إبراهيم «٢» بن عبد الصمد بن موسى الهاشمى، وأبو العبّاس محمد بن عبد الرّحمن، ومكّى بن عبدان التّميمىّ، وأبو مزاحم موسى بن عبيد الله الخاقانىّ.