للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلمّا كبر قصىّ ورقّ، وكان عبد الدار بِكره وأكبر ولده، وكان ضعيفًا وكان إخوته قد شَرُفوا عليه، فقال له قصىّ: أمَا والله يا بنىّ لألحقنّك بالقوم وإنْ كانُوا قد شرفوا عليك، لا يدخل أحد منهم الكعبة حتى تكون أنْت الذى تفتحها له، ولا تعقد قريش لواءً لحربهم إلّا كنت أنت الذى تعقده بيدك، ولا يشرب رجل بمكّة إلّا من سقايتك، ولا يأكل أحد من أهْل الموسم طعامًا بمكّة إلّا من طعامك، ولا تقطع قريش أمرًا من أمورها إلّا فى دارك، فأعطاه دار النّدوة وحجابة البيت واللواء والسقاية والرفادة وخصّه بذلك ليُلحقه بسائر إخوته، وتوفى قصىّ فدفن بالحَجُون، فقالت تَخْمُر بنت قصىّ ترثى أباها:

طَرَقَ النّعىُّ بُعيدَ نَوْم الهُجّدِ … فنعى قصيًّا ذا الندَى وَالسّودَدِ

فنعى المُهذَّبَ من لُؤىّ كلّهَا … فانهلّ دمعى كالجُمانِ المفرَدِ

فأرِقْتُ من حُزْنٍ وهَمٍّ داخلٍ … أرَقَ السليمِ لِوَجْدِهِ المُتفَقِّدِ

* * *

[ذكر عبد مناف بن قصى]

قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبى عن أبيه قال: لماّ هلك قصى ابن كلاب، قام عبد مناف بن قُصىّ على أمر قصىّ بعده، وأمْرُ قريش إليه، واختطّ بمكّة رباعًا بعد الذى كان قصىّ قطع لقومه، وعلى عبد منَاف اقتصر رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حين أنزل الله تبارك وتعالى، عليه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (١) [سورة الشعراء: ٢١٤].

قال: أخبرنا هشام بن محمد قال: فحدثنى أبى عن أبى صالح عن ابن عبّاس قال: لما أنزل الله تعالى على النبى، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [سورة الشعراء: ٢١٤] خرج حتى علا المروة ثمّ قال: يَالَ فِهْرٍ! فجاءته قريش فقال أبو لهب بن عبد المطّلب: هذه فهر عندك فقل، فقال: يَالَ غَالِبٍ! فرجع بنو محارب وبنو الحارث ابنا فهر، فقال: يَالَ لُؤىّ بنِ غَالِبٍ! فرجع بنو تيم الأدرم


(١) أورده النويرى فى نهاية الأرب ج ١٦ ص ٣٢ عن ابن سعد.