من الدّخاخين وأجالَ الخيلَ في عَرَصَاتهم وأقاموا يومهم ذلك في تعبئة ما أصابوا من الغنائم. وكان أسامة على فرس أبيه سَبْحة وقتل قاتِلَ أبيه في الغارة وأسهم للفرس سهمَين ولصاحبه سهمًا وأخذ لنفسه مثل ذلك. فلمّا أمسَى أمر النّاس بالرّحيلِ ثمّ أغَذّ السّيْرَ فوردوا وادى القُرى في تسعِ ليال، ثمّ بعث بشيرًا إلى المدينة يخبر بسلامتهم، ثمّ قصد بعدُ في السّير فسار إلى المدينة ستًّا وما أصيب من المسلمين أحدٌ، وخرج أبو بكر في المهاجرين وأهل المدينة يتلقّونهم سرورًا بسلامتهم ودخل على فرس أبيه سَبْحة واللّواءُ أمامه يحمله بُريدة بن الحُصيب حتى انتهى إلى المسجد فدخل فصلّى ركعتين ثمّ انصرف إلى بيته. وبلغ هِرقل وهو بحِمْص ما صنع أسامة فبعث رابصةً يكونون بالبَلْقاء، فلم تزل هناك حتى قدمت البعوث إلى الشأم في خلافة أبي بكر وعمر.
* * *
ذكر ما قرب لرسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، من أَجَله
أخبرنا عفّان بن مسلم عن شُعبة وأخبرنا عُبيد الله بن موسى العبسى عن إسرائيل بن يونس جميعًا عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا عُبيدة بن عبد الله يخبر عن أبيه قال: كان النبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يكثر أن يقول: سبحانَك اللهمّ وبحمدك اللهمّ اغفر لي! فلمّا نزلت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، قال: سبحانَك اللهمّ وبحمدك اللهمّ اغفر لي إنّك أنت التّوّاب الرّحيم.
أخبرنا هَوْذة بن خليفة، أخبرنا عوْف عن الحسن قال: لمّا أُنْزِل على النّبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [سورة النصر: ١ - ٣] قال: قرب لرسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أجَلُه وأُمر بكثرة التسبيح والاستغفار.
أخبرنا قَبيصة بن عقبة، أخبرنا إسرائيل عن جابر عن عون عن سعيد بن جُبير عن ابن عبّاس {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}[سورة النصر: ١] قال: داعٍ من الله ووداعٌ من الدّنيا.