للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

معه، فقَدِموا عليه فسار بهم إلى البصرة، فَلقِىَ طلحةَ والزّبير وعائشة ومن كان معهم من أهل البصرة وغيرهم يوم الجَمَل في جمادى الآخرة سنة ستّ وثلاثين، وظَفِرَ بهم وقُتل يومئذ طلحة والزّبير وغيرهما، وبلغت القتلى ثلاثة عشر ألف قتيل، وأقام عليّ بالبصرة خمسَ عشرةَ ليلة ثمّ انصرف إلى الكوفة (١).

* * *

ذكر عليّ ومعاوية وقتالهما وتحكيم الحكَمَيْن

ثم خرج يريد معاوية بن أبي سفيان ومن معه بالشأم، فبلغ ذلك معاوية فخرج فيمن معه من أهل الشأم والتقوا بصفّين في صفر سنة سبعٍ وثلاثين، فلم يزالوا يقتتلون بها أيّامًا، وقُتل بصفّين عمّار بن ياسر، وخُزيمة بن ثابت، وأبو عمرة المازنى، وكانوا مع عليّ، ورفع أهل الشأم المصاحف يدعون إلى ما فيها مكيدة من عمرو بن العاص أشار بذلك على معاوية وهو معه، فكره النّاس الحربَ وتداعوا إلى الصّلح وحَكّمُوا الحَكَمَين فحكّم عليّ أبا موسى الأشعريّ، وحكّم معاوية عمرو بن العاص، وكتبوا بينهم كتابًا أن يوافوا رأسَ الحَوْل بأذْرُحَ فينظروا في أمر هذه الأمّة، فافترق النّاس فرجع معاوية بالألفة من أهل الشأم وانصرف عليّ إلى الكوفة بالاختلاف والدّغَل، فخرجت عليه الخوارج من أصحابه ومن كان معه وقالوا: لا حَكَمَ إلّا الله، وعسكروا بحَرَوْرَاءَ (٢)، فبذلك سُمّوا الحَرَوْرِيّة، فبعث إليهم عليّ عبدَ الله بن عبّاس وغيره فخاصمهم وحاجّهم فرجع منهم قومٌ كثير وثَبَتَ قومٌ على رأيهم وساروا إلى النَّهران فعَرَضوا للسّبيل وقَتَلوا عبدَ الله بن خَبّاب بن الأرَتّ، فسار إليهم عليّ فقتلهم بالنَّهْرَوَان (٣) وقتل منهم ذا الثديّة، وذلك سنةَ ثمانٍ وثلاثين، ثمّ انصرف عليّ إلى الكوفة فلم يزل بها يخافون عليه الخوارج من


(١) أورده السيوطي في تاريخ الخلفاء ص ١٧٤ نقلا عن ابن سعد.
(٢) حروراء: قرية بظاهر الكوفة، وقيل: موضع على ميلين منها، نزل به الخوارج الذين خالفوا علي بن أبي طالب فنسبوا إليها.
(٣) لدى ياقوت: كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقى حدها الأعلى متصل ببغداد. وكان بها وقعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب.