أخبرنا محمد بن عمر، حدّثنا الثورى عن فِرَاس عن الشعبيّ عن مَسْرُوق عن عائشة في قوله:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}[سورة الأحزاب: ٦] قال: فقالت لها امرأة: يا أمّه. فقالت عائشة: أنا أمّ رجالكم ولست أمّ نسائكم. قال: فذكرت هذا الحديث لعبد الله بن موسى المخزومى فقال: أخبرنى مصعب بن عبد الله بن أبي أميّة عن أمّ سلمة أنّها قالت: أنا أمّ الرجال منكم والنساء.
* * *
ذكر ما هجر فيه رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نساءه وتخييره إيّاهنَّ
أخبرنا محمد بن عمر، حدّثنا جارية بن أَبِى عِمْران قال: سمعت أبا سلمة الحَضْرَميّ يقول: جلست مع أبي سعيد الخُدْرى وجابر بن عبد الله وهما يتحدّثان وقد ذهب بصر جابر فجاء رجل فسلّم ثمّ جلس فقال: يا أبا عبد الله أرسلنى إليك عُرْوَةُ بن الزبير أسألك فيمَ هجر رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، نساءه. فقال جابر: تركنا رسول الله يومًا وليلة لم يخرج إلى الصّلاة فأخذنا ما تقدَّم وما تأخَّر، فاجتمعنا ببابه نتكلّم ليسمع كلامنا ويعلم مكاننا، فأطلنا الوقوف فلم يأذن لنا ولم يخرج إلينا. فقال: فقلنا: قد علم رسول الله مكانكم ولو أراد أن يأذن لكم لَأَذِن، فتفرّقوا لا تؤذوه. فتفرّق الناس غير عمر بن الخطّاب يتنحنح ويتكلّم ويستأذن حتى أذن له رسول الله. قال عمر: فدخلت عليه وهو واضع يده على خدّه أعرف به الكآبة فقلت: أى نبيّ الله بأبى أنت وأمّى ما الذى رابك وما لقى الناس بعدك من فقدهم لرؤيتك! فقال: يا عمر يسألننى أولاء ما ليس عندى، يعنى نساءه، فذاك الذى بلغ منى ما ترى. فقلت: يا نبيّ الله قد صككتُ جميلة بنت ثابت صكّة ألصقت خدّها منها بالأرض لأنّها سألتنى ما لا أقدر عليه، وأنت يا رسول الله على موعد من ربّك وهو جاعل بعد العسر يسرًا. قال: فلم أزل أكلّمه حتى رأيت رسول الله قد تحلّل عنه بعض ذلك. قال: فخرجت فلقيت أبا بكر الصّدّيق فحدّثته الحديث فدخل أبو بكر على عائشة فقال: قد علمت أنّ رسول الله لا يدّخر عنكنّ شيئًا فلا تسألنه ما لا يجد، انظرى حاجتك فاطلبيها إليّ. وانطلق