للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ما جئنا له؟ قال: نعم، ولى منكم مثل ذلك؟ وقالوا: نعَمْ: فقلنا: إنّ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بعثنا إليك لتخرج إليه فيستعملك على خيبر ويُحسِن إليك: فطمع فى ذلك فخرج وخرج معه ثلاثون رجلًا من اليهود مع كلّ رجل رَديفٌ من المسلمين، حتى إذا كنّا بقَرْقَرَة ثِبار (١) ندم أُسير فقال عبد الله بن أُنيس، وكان فى السريّة: وأهوى بيده إلى سيفى ففطنتُ له ودفعتُ بعيرى وقلت: غدرًا أى عدوّ الله! فعل ذلك مرّتين، فنزلتُ فسُقتُ بالقوم حتى انفرد لى أُسير فضربته بالسيف فأندرتُ (٢) عامّةَ فَخِذِه وساقِه وسقط عن بعيره وبيده مِخْرَش من شَوْحَط فَضَربنى فشجَّنى مأمومةً، ومِلْنا على أصحابه فقتلناهم كلّهم غير رجل واحدٍ أعجَزَنَا شَدّا، ولم يُصَبْ من المسلمين أحدٌ، ثمّ أقبلنا إلى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فحدّثناه الحديث فقال: قد نَجَّاكم الله من القوم الظالمين!

* * *

سريّة كُرْز بن جابر الفِهْرى إلى العُرَنيّين (٣)

ثمّ سريّة كُرْز بن جابر الفِهرى إلى العُرَنيّين فى شوّال سنة ستٍّ من مُهَاجَر رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قالوا: قَدِمَ نَفَرٌ من عُرَينة ثمانية على رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأسلموا واسْتَوْبَئُوا المدينةَ، فأمر بهم رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إلى لقاحة وكانت ترعى بذى الجَدْر ناحيةَ قُباء قريبًا من عَير، على ستّة أميال من المدينة، فكانوا فيها حتى صحّوا وسمنوا فغدوا على اللّقاح فاستَاقوها فيُدركُهُم يَسارٌ مولى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ومعه نَفَرٌ فقاتلَهم فقطعوا يده ورجله وغرزوا الشَّوك فى لسانه وعينيه حتى مات. وبلَغ رسولَ الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، الخبرُ فبعث فى أثرهم عشرين فارسًا واستعمل عليهم كُرْزَ بن جابر الفِهرى فأدركوهم فأحاطوا بهم وأسروهم وربطوهم وأردفوهم على الخيل حتى قَدِموا بهم المدينة. وكان رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بالغابة فخرجوا بهم نحوه فلقوه بالزَّغَابَة (٤) بمجتمع السيول، وأمر بهم فقُطعت أيديهم وأرجُلُهم


(١) قرقرة ثبار: موضع على ستة أميال من خيبر.
(٢) أندرت: قطعت.
(٣) مغازى الواقدى ص ٥٦٨.
(٤) الزغابة: موضع قريب من المدينة.