قال: أخبرنا جرير بن عبد الحميد الضّبيّ عن ليث عن مجاهد في قوله تعالى: {مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (٦٢) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} (١)[سورة ص: ٦٢، ٦٣]. قال: يقول أبو جهل أينَ بلالٌ أين فلان أين فلان كنّا نعُدّهُمْ في الدّنيا من الأشرار فلا نراهم في النّار أم هم في مكان لا نراهم فيه أم هم في النّار لا نرى مكانهم؟
قال: أخبرنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد قال: أوّلُ من أظهرَ الإسلام سبعة: رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأبو بكر، وبلال، وخَبّاب، وصُهيب، وعَمّار، وسُمَيّة أمّ عمّار. قال: فأمّا رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فمنعه عمّه، وأمّا أبو بكر فمنعه قومه، وأُخِذَ الآخرون فألبَسوهم أدراع الحديد ثمّ صَهروهم في الشّمس حتَّى بلغ الجهد منهم كل مبلغ فأعطوْهم ما سألوا فجاء كلّ رجل منهم قومَه بأنْطاع الأُدْمِ فيها الماءُ فألْقَوهم فيه وحَمَلوا بجوانبه إلّا بلالًا. فلمّا كان العشيّ جاء أبو جَهْل فجعل يَشْتُمُ سُمَيّةَ ويَرْفُثُ، ثمّ طعنها فقتلها فهى أوّلُ شهيدٍ استشهد في الإسلام إلّا بلالًا فإنّه هانت عليه نفسه في الله حتَّى ملّوه، فجعوا في عنقه حبلًا ثمّ أمروا صبيانهم أنْ يشتدّوا به بين أخْشَبَىْ مكّة، فجعل بلالٌ يقول: أحَدٌ أحَدٌ.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني محمّد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة لمّا هاجر بلال إلى المدينة نزل على سعد بن خيثمة.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني موسى بن محمّد بن إبراهيم عن أبيه قال: آخى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بين بلال وبين عُبيدة بن الحارث بن المطّلب، وقال محمّد بن عمر: ويقال إنّه آخى بين بلال وبين أبى رُوَيحَة الخَثْعَميّ.
قال محمّد بن عمر: وليس ذلك بثبت ولم يشهد أبو رُويحة بدرًا.
وكان محمّد بن إسحاق يُثبت مؤاخاة بلال وأبى رُويحة عبد الله بن عبد الرّحمن الخثعميّ ثمّ أحَدِ الفُرْعِ ويقول: لمّا دَوّنَ عمرُ بن الخطّاب الدواوين بالشأم
(١) سِخْرِيًّا: تحرفت في سائر الطبعات السابقة إلى "سُخْرِيًّا".