للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بدَقيقٍ فَيُنْخَلَ في خرقة ثمّ آمُرَ به فيُخْبَزَ خبزًا رقاقًا وآمُرَ بصاع من زبيب فيُقْذَف في سُعْن (١) ثمّ يُصَبّ عليه من الماء فيُصبحَ كأنه دَمُ غزال؟ فقال: إنى لأراك عالمًا بطيب العيش، فقال: أجَلْ! والّذى نفسى بيده لولا أن تنتقص (٢) حَسَنَاتى لَشَارَكْتُكم في لين عيشكم.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: أخبرنا حمّاد بن سلمة عن سعيد الجريرى عن أبي نَضْرة عن الربيع بن زياد الحارثى أنّه وفد إلى عمر بن الخطّاب فأعجبته هيئته ونحوه فشكا عمر طعامًا غليظًا أكله، فقال الربيع: يا أمير المؤمنين إنّ أحَقّ النّاس بطعامٍ لَيّنٍ ومركبٍ لينٍ وملبسٍ لَينٍ لأنْتَ. فرفع عمر جريدة معه فضرب بها رأسه وقال: أما والله ما أراكَ أرَدتَ بها الله وما أردتَ بها إلّا مقاربتى إن كُنْتُ لأحْسِب أنّ فيك [خيرًا] ويحك! هل تَدْرى ما مثلى ومثل هؤلاء؟ قال: وما مثلك ومثلهم؟ قال: مثلُ قوم سافروا فدفعوا نفقاتهم إلى رجل منهم، فقالوا له: أنفِقْ علينا: فهل يَحِلّ له أن يستأثر منها بشئ؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، قال: فكذلك مثلى ومثلهم (٣).

ثمّ قال عمر: إنى لم أستعمل عليكم عُمّالى ليضربوا أبشاركم وليشتموا أعراضكم ويأخذوا أموالكم ولكنى استعملتهم ليعلّموكم كتابَ ربّكم وسنّه نبيكم، فمن ظَلَمَه عاملُه بمظلمة فلا إذنَ له عليّ ليرفعها إليّ حتَّى أُقِصّه منه. فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين أرأيت إنْ أدّبَ أميرٌ رجلًا من رعيّته أتُقِصّه منه؟ فقال عمر: وما لي لا أقِصّه منه وقد رأيت رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يُقِصّ من نفسه؟ وكتب عمر إلى أمراء الأجناد. لا تَضْرِبوا المُسلمين فتُذِلّوهم ولا تَحْرِموهم فتُكْفِرُوهم ولا تُجمّرُوهم فتَفْتنوهم ولا تُنْزِلوهم الغِياض فتُضَيّعوهم (٤).


(١) في النهاية (سعن) في حديث عمر "وأمرتُ بصاع من زَبيب فجعل في سُعْن" السُّعن: قِرْبة أو إداوة يُنْتَبَذُ فيها وتعلق بوتِدٍ أو جذع نخلة.
(٢) في ل "تنتقض" وبالهامش: الشيخ محمد عبده (تنتقص) وآثرت قراءة الشيخ اعتمادا على رواية ث. وفى طبعتى إحسان وعطا "تنتقض".
(٣) أورده ابن شبة في تاريخ المدينة ج ٢ ص ٦٩٧، وابن عساكر في تاريخه ص ٢٥٥ من ترجمة عمر، وابن الجوزى في مناقب عمر ص ١٨، وابن منظور في مختصر تاريخ دمشق ج ١٨ ص ٣٢٩ وما بين حاصرتين مما ذكر.
(٤) تاريخ ابن عساكر ص ٢٣٦ من ترجمة عمر.