للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهريّ عن أبيه عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال: كان عمر لا يَأذَنُ لسبي قد احتلم في دخول المدينة حتى كتب المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يَذْكُرُ له غُلامًا عنده صَنَعًا (١) ويستأذنه أن يُدْخِلَهُ المدينة ويقول إنّ عنده أعمالًا كثيرة فيها منافع للناس، إنّه حدّادٌ نَقّاشٌ نجّار (٢). فكتب إليه عمر فأذِنَ له أن يُرْسِلَ به إلى المدينة، وضَرَبَ عليه المغيرةُ مائة درهم كل شهر، فجاءَ إلى عمر يشتكي إليه شدة الخراج فقال له عمر: ماذا تُحسِنُ من العمل؟ فذكر له الأعمال التي يُحْسِنُ، فقال له عمر: ما خراجك بكثير في كُنْهِ عَمَلِك (٣).

فانصرف ساخطًا يَتَذَمّرُ فلبثَ عمر لياليَ، ثمّ إنّ العبد مَرّ به فدعاه فقال له: ألَمْ أُحَدَّثْ أنّك تقول لو أشاءُ لصنعتُ رَحًى تَطْحَنُ بالرّيح؟ فالتفت العبد ساخطًا عابسًا إلى عمر، ومع عمر رهطٌ، فقال: لأصْنَعَنّ لك رَحىً يتحدّثُ بها النّاس! (٤).

فلمّا وَلّى العبدُ أقْبَلَ عمرُ على الرهط الذين معه فقال لهم: أوْعَدَني العبدُ آنفًا، فلبث ليالي ثمّ اشتمل أبو لؤلؤة على خنجر ذي رأسين نِصابه في وَسَطِهِ فكَمِنَ في زاوية من زوايا المسجد في غَلَسِ السَّحَر، فلم يزل هناك حتى خرج عمر يوقظ الناسَ للصّلاةِ صلاةِ الفجر، وكان عمر يفعل ذلك، فلمّا دنا منه عمر وَثَب عليه فطَعَنه ثلاثَ طعنات إحداهنّ تحتَ السرّة قد خرقت الصِّفاقَ (٥)، وهي التي قَتَلَتْه، ثمّ انحاز أيضًا على أهل المسجد فطعن من يليه حتى طعن سوى عمر أحد عشر رجلًا، ثمّ انتحر بخنجره، فقال عمر حين أدركه النّزْفُ وانْقَصَفَ النّاسُ عليه: قولوا لعبد الرحمن بن عوف فَلْيُصَلّ بالناس، ثمّ غلب عمرَ النزفُ حتى غُشي عليه (٦).


(١) رجل صَنَع: له صنعة يعملها بيديه وهو حاذق فيها.
(٢) أورده ابن عساكر في تاريخه ص ٣٥٣ من ترجمة عمر، وأخرجه بطوله صاحب الكنز برقم ٣٦٠٤٨ من طريق ابن سعد، ويلاحظ أن جمهرة الأخبار الواردة في الكنز في هذا الموضع لم يخرجها سوى ابن سعد.
(٣) ابن عساكر ص ٣٥٣ من ترجمة عمر.
(٤) ابن عساكر ص ٣٥٣ من ترجمة عمر.
(٥) صفاق البطن: الجلدة الباطنة التي تلي السواد سواد البطن، وهو ما حول السرة.
(٦) ابن عساكر ص ٣٥٤ من ترجمة عمر.