قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني كثير بن عبد الله المُزَني عن أبيه عن جدّه قال: سمعتُ عمر بن الخطّاب يقول لأبي مريم الحَنَفي: أقَتَلْتَ زيدَ بن الخطّاب؟ فقال: أكرمه الله بيدي ولم يُهِنّي بيده، فقال عمر: كم ترى المسلمين قتلوا منكم يومئذٍ؟ قال: ألفًا وأربعمائة يزيدون قليلًا، فقال عمر: بِئسَ القتلى! قال أبو مريم: الحمد لله الّذي أبقاني حتى رجعتُ إلى الدّين الذي رضى لنبيّه، - عليه السلام -، وللمسلمين. قال فسُرّ عمر بقوله، وكان أبو مريم قد قَضَى بعد ذلك على البصرة.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون قال: وحدّثني عبد العزيز بن يعقوب الماجشون قالا: قال عمر بن الخطّاب لمتمّم بن نُويرة: ما أشَدَّ ما لَقِيتَ على أخيك من الحزن! فقال: كانت عيني هذه قد ذهبت، وأشار إليها، فبكيتُ بالصحيحة فأكثرتُ البكاء حتى أسعدتها العينُ الذاهبة وجرت بالدمع، فقال عمر: إنّ هذا لحُزْنٌ شديدٌ ما يحزن هكذا أحَدٌ على هالكه، ثمّ قال عمر: يرحم الله زيدَ بن الخطّاب! إني لأحسِبُ أني لو كنتُ أقدر على أن أقول الشعر لبكيته كما بكيتَ أخاك، فقال متمّم: يا أمير المؤمنين لو قُتل أخي يومَ اليمامة كما قُتل أخوك ما بكيتُه أبدًا، فأبْصَرَ عُمر وتَعَزّى عن أخيه، وكان قد حَزِنَ عليه حُزْنًا شديدًا، وكان عمر يقول: إنّ الصَّبا لَتَهُبّ فَتَأتيني بريح زيد بن الخطّاب. قال ابن جعفر فقلتُ لابن أبي عون: أما كان عمر يقول الشعر؟ فقال: لا ولا بيتًا واحدًا.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: وكان زيد بن الخطّاب قُتل يوم مسيلمة باليمامة سنة اثنتي عشرة في خلافة أبي بكر الصّدّيق.
قال: أخبرنا خالد بن مَخْلَد البَجَلي قال: أخبرنا عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر بن الخطّاب لأخيه زيد بن الخطّاب يومَ أُحُد: أقْسَمْتُ عليك إلّا لبِسْتَ دِرْعي. فلبسها ثمّ نزعها فقال له عمر: مالك؟ قال: إني أريد بنفسي ما تريد بنفسك.