للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاري قال: أخبرنا عوف عن الحسن عن عُتيّ السعديّ قال: قدمتُ المدينة في يوم ريحٍ وغُبْرَةٍ وإذا الناس يموج بعضهم في بعض، فقلت: ما لي أرى الناس يموج بعضهم في بعض؟ فقالوا: أما أنت من أهل هذا البلد؟ قلت: لا، قالوا: مات اليوم سيّد المسلمين أُبَيّ بن كعب.

أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا جعفر بن سليمان قال: أخبرنا أبو عِمْران الجَوْني عن جُنْدب بن عبد الله البَجَلي قال: أتيت المدينة ابتغاء العلم فدخلت مسجد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فإذا الناس فيه حَلَق يتحدّثون، لجعلت أمضي الحَلَقَ حتى أتيتُ حَلْقة فيها رجل شاحبٌ عليه ثوبان كأنّما قدم من سفر، قال فسمعته يقول: هلك أصحاب العُقْدة وربّ الكعبة ولا آسى عليهم، أحْسَبُه قال مرارًا. قال فجلست إليه فتحدّث بما قُضي له، ثمّ قام، قال فسألتُ عنه بعدما قام، قلت: مَن هذا؟ قالوا: هذا سيّد المسلمين أُبَيّ بن كعب. قال فتبعته حتى أتَى منزله فإذا هو رثّ المَنزل رَثّ الهيئةِ، فإذا رجل زاهد منقطع يُشبه أمرُه بعضه بعضًا، فسلّمتُ عليه فردّ عليّ السلام ثمّ سألني: ممّن أنت؟ قلت: من أهل العراق، قال: أكْثرُ شَيْءٍ (١) سؤالًا، قال لما قال ذلك غضبتُ، قال: فجثوتُ على ركبتي ورفعتُ يديّ (٢)، هكذا وصف، حِيالَ وجهه فاستقبلتُ القبلة، قال قلت: اللّهمّ نشكوهم إليك إنّا نُنْفِق نفقاتنا ونُنصب أبداننا ونُرحل مطايانا ابتغاء العلم فإذا لقيناهم تجهّموا لنا وقالوا لنا. قال فبكَى أُبَيّ وجعل يترضّاني ويقول: ويْحك لم أذهب هناك، لم أذهب هناك. قال ثمّ قال: اللهمّ إني أُعاهدك لئن أبقيتني إلى يوم الجمعة لأتكلّمنّ بما سمعتُ من رسول الله لا أخاف فيه لَوْمَة لائم. قال لما قال ذلك انصرفتُ عنه وجعلتُ أنتظر الجمعة، فلمّا كان يوم الخميس خرجتُ لبعض حاجتي فإذا السّكك غاصّة من الناس لا أجد سكّة إلّا يلقاني فيها الناس. قال قلت: ما شأن الناس؟ قالوا: إنّا نحسبك غريبًا، قال قلت: أجَلْ، قالوا: مات سيّد المسلمين أُبَيّ بن كعب. قال جُنْدب: فلقيت أبا موسى بالعراق فحدّثته حديث أُبَيّ قال: والهفاه! لو بقي (٣) حتى تُبلغنا مقالَتَه (٤).


(١) كذا في ث وابن عساكر في مختصر ابن منظور ج ٤ ص ٢٠٢. وفي ل وطبعتي إحسان وعطا "مِنّي".
(٢) يديّ: ث "بِيَدَيّ".
(٣) ث "ألَا بَقي".
(٤) أورده ابن عساكر: مختصر ابن منظور ج ٤ ص ٢٠٢ - ٢٠٣.