للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عَمرو بن حزم قال: وحدّثنا هاشم بن عاصم الأسلمىّ عن أبيه عن ابن عبّاس، دخل حديث بعضهم فى حديث بعض، قالوا: كان رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مع أمّه آمنة بنت وهب، فلمّا بلغ ستّ سنين خرجت به إلى أخواله بنى عدىّ بن النجّار بالمدينة تزورهم به، ومعه أمّ أيمن تحضنه وهم على بعيرين، فنزلت به فى دار النابغة (١)؟ فأقامت به عندهم شهرًا، فكان رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يذكر أمورًا كانت فى مقامه ذلك، لما نظر إلى أطُم بنى عدىّ بن النّجار عرفه وقال: كُنْتُ ألاعِبُ أنيسَةَ جَارِيَة مِنَ الأنْصَارِ عَلى هذا الأطُمِ وَكُنْتُ مَعَ غِلْمَان مِنْ أخوالى نُطَيّرُ طَائِرًا كَانَ يقَع عَلَيْهِ، ونظر إلى الدار فقال: هَهُنَا نَزَلَتْ بى أمّى وَفى هَذِه الدّارِ قُبِرَ أَبى عَبْدُ الله ابنُ عَبْدِ المطّلبِ وأحْسَنْتُ العَوْمَ فى بِئْر بَنى عَدِىّ بنِ النجّارِ، وَكَانَ قَوْمٌ مِنَ اليَهُود يَخْتَلِفُونَ يَنْظُرُونَ إلَيْه فقَالَتْ أمّ أيْمَنَ فَسَمِعْتُ أحَدَهُمْ يَقُولُ: هُوَ نَبىّ هَذهِ الأمّةِ وَهَذِهِ دَارُ هِجرَتِهِ، فوَعَيْتُ ذَلِكَ كُلّهُ مِنْ كلامِهِ: ثمّ رجعت به أمّه إلى مكّة، فَلمّا كانوا بالأبْوَاء (٢) تُوُفّيَت آمنة بنت وهب، فقبرها هناك، فرجعت به أمّ أيمن على البعيرين اللذين قدموا عليهما مكّة، وكانت تحضنه مع أمّه ثمّ بعد أن ماتت، فلمّا مرّ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فى عمرة الحديبية بالأبواء قال: إنّ الله قَدْ أذَنَ لِمُحمّدٍ فى زِيَارَةِ قَبْرِ أمّه، فأتاه رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأصلحه وبكى عنده، وبكى المسلمون لبكاء رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقيل له فقال: أدْرَكَتْنى رَحمتُهَا فَبَكَيْتُ (٣).

قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل النَّهْدِىّ أبو غسّان، أخبرنا شريك بن عبد الله عن سِماك بن حَرب عن القاسم قال: استأذن النبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فى زيَارة قبر أمّه فأُذن له فسأل المغفرة لها فَأبى عليه (٤).


(١) النابغة: كذا فى ل، م. وفى شرح المواهب للزرقانى ج ١ ص ١٦٣ "التابعة بفوقية فموحدة فمهملة: رجل من بنى عدى بن النجار" ولدى السمهودى "النابغة" بنون. وكذلك لدى الصالحى وابن هشام ج ١ ص ١٥٨.
(٢) الأبواء: قرية من أعمال الفُرْع بالمدينة، بينها وبين الجحفة مما يلى المدينة ثلاثة وعشرون ميلا.
(٣) نقله النويرى فى نهاية الأرب ج ١٦ ص ٨٧، وأورده الصالحى فى سبل الهدى ج ٢ ص ١٦٣ نقلا عن ابن سعد.
(٤) أخرجه مسلم: كتاب الجنائز: باب استئذان النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ربه عز وجل فى زيارة قبر أمه. ج ١ ص ٣٨٩.