للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقلت: أعْطيكم بقراتي هذه وغنمي على أن تحملوني حتى تَقْدَموا بي أرضَكم، قالوا: نعم. فاحتملوني حتى قدموا بي وادي القرى فظلموني فباعوني عبدًا من رجل من يهود فرأيتُ بها النخل، وطمعتُ أن تكون البلدة التي وُصِفَت لي وما حَقّت (١) لي ولكني قد طمِعْتُ حين رأيتُ النخل، فأقمتُ عنده حتى قدم رجل من يهود بني قُرَيْظَةَ فابتاعني منه ثمّ خرج بي حتى قدمتُ المدينة. فوالله ما هو إلا أن رأيتُها فعرفتُها بصفة صاحبي وأيقنتُ أنّها هي البلدة التي وُصِفَتْ لي.

فأقمتُ عنده أعمل له في نخله في بني قريظة حتى بعث الله رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، وخَفِيَ عليّ أمره حتى قدم المدينة ونزل بقباء في بني عمرو بن عوف، فوالله إني لفي رأس نخلة وصاحبي جالس تحتي إذ أقبل رجل من يهود من بني عمّه حتى وقف عليه فقال: أي فلان، قاتل الله بني قَيْلَةَ إنّهم آنفًا ليَتقاصفون (٢) على رجلٍ بقُباء قدم من مكّة يزعمون أنّه نبيّ.

قال فوالله إنْ هو إلا أن قالها فأخذَتْني العُرَواء (٣) فرجفَتِ النخلةُ حتى ظننتُ لأسقطنّ على صاحبي، ثمّ نزلتُ سريعًا أقول: ماذا تقول، ما هذا الخبر؟ قال فرفع سيّدي يده فلكمني لكمةً شديدةً ثمّ قال: ما لك ولهذا؟ أقْبِلْ على عملك. قلتُ: لا شيءَ إنّما أردتُ أن أسْتَثْبِتَهُ هذا الخبر الذي سمعتُه يذكر، قال: أقْبِلْ على شأنك. قال فأقبلتُ على عملي ولَهِيتُ منه (٤).

فلمّا أمسيتُ جمعتُ ما كان عندي ثمّ خرجتُ حتّى جئتُ إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وهو بقباء فدخلتُ عليه ومعه نفر من أصحابه فقلتُ: إنّه بلغني أنّك ليس بيدك شيء وأنّ معك أصحابًا لك، وأنّكم أهل حاجة وغُرْبة وقد كان عندي شيء وضعتُه للصدقة فلمّا ذُكر لي مكانُكم رأيتُكم أحقّ الناس به فجئتكم به، ثمّ وضعتُه


(١) بهامش ل: قراءة دى خويه "حُقَّت" وتتفق رواية (ث) مع ما ورد بمتن (ل) هنا. ومثله لدى الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٥٠٩.
(٢) لدى ابن الأثير في النهاية (قصف) ومنه حديث اليهودي "لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة قال: تركت أبناء قيلة يتقاصفون على رجل يزعم أنه نبي" أي يزدحمون.
(٣) الذهبي مفسرًا "فأخذتني العرواء - يقول الرِّعدة. . .".
(٤) بهامش ل: قراءة دى خويه "ولهيت عنه" وتتفق رواية (ث) ما ورد بمتن (ل) هنا.