للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلمّا قدمَ المدينةَ قال له عثمان: كُنْ عندي تغدو عليك وتروح اللقاح، قال: لا حاجة لي في دنياكم، ثمّ قال: ائْذَنْ لي حتى أخرج إلى الرّبَذَة، فأذن له فخرج إلى الربذة وقد أقيمت الصلاةُ وعليها عبدٌ لعثمان حبشيّ فتأخّر، فقال أبو ذرّ: تَقَدّمْ فصلّ فقد أُمِرْتُ أن أسْمَعَ وأطيعَ ولو لعبدٍ حَبشيّ فأنت عبد حبشيّ (١).

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا العوّام بن حَوْشَب قال: حدّثني رجل من أصحاب الآجُرّ عن شيخين من بني ثَعْلَبَة رجل وامرأته قالا: نَزَلْنا الرّبذة فمرّ بنا شيخ أشعث أبيض الرأس واللحية فقالوا: هذا من أصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -. فاستأذنّاه أن نغسل رأسه فأذن لنا واستأنس بنا، فبينا نحن كذلك إذ أتاه نفر من أهل العراق، حَسِبْتُه قال من أهل الكوفة، فقالوا: يا أبا ذرّ فعل بك هذا الرجل وفعل فهل أنت ناصبٌ لنا رايةً؟ فَنُكْمِلُكَ (٢) برجال ما شئتَ؟ فقال: يا أهل الإسلام لا تَعْرِضوا عليّ ذاكم ولا تُذِلّوا السلطان فإنّه مَن أذلّ السلطان فلا توبة له، والله لو أنّ عثمان صلبني على أطول خشبةٍ أو أطول جبل لَسمعتُ وأطعتُ وصبرتُ واحتسبتُ ورُئيتُ أنّ ذاك خير لي، ولو سيّرني ما بين الأفق إلى الأفق، أو قال ما بين المشرق والمغرب، لسمعتُ وأطَعْتُ وصبرتُ واحتسبتُ ورُئيتُ أنّ ذاك خير لي، ولو ردّني إلى منزلي لسمعتُ وأطعتُ وصبرتُ واحتسبتُ ورُئيتُ أنّ ذاك خير لي (٣).

قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدّثنا جعفر بن بُرْقان عن ثابت بن الحجّاج عن عبد الله بن سيدان السّلَميّ قال: تَناجى أبو ذر وعثمان حتى ارتفعت أصواتهما، ثمّ انصرف أبو ذرّ متبسّمًا فقال له الناس: ما لك ولأمير المؤمنين؟ قال: سامعٌ مُطيعٌ ولو أمرني أن آتيَ صَنْعاءَ أو عَدَنَ ثمّ استطعتُ أن أفعل لفعلتُ، وأمره عثمان أن يخرج إلى الرّبَذَة (٤).

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا سفيان بن حُسين عن الحكم بن


(١) نفس المصدر.
(٢) في المطبوع "فَلْنُكْمِلْ" وفي المخطوط "فَنَلْكمك" وكتب فوقها صح [واللكم: الدفع] وقد اتبعت ما ورد بتاريخ ابن عساكر كما أورده ابن منظور في المختصر ج ٢٨ ص ٣٠٢، والذهبي في سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٧١.
(٣) سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٧١.
(٤) المصدر السابق.