للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وثلاثين سنة، وكانوا يَضَعون أُزُرَهم على عَوَاتقِهم، ويَحمِلون الحجارة، ففعَلَ ذلك رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلُبِطَ به ونُودِى: عَوْرَتك، فكان ذلك أوّل ما نُودى، فقال له أبو طالب: يابن أخى اجعل إزَارك على رأسك، فقال: مَا أصَابَنى مَا أصَابَنى إلّا فى تَعَرِّى، (١) فما رُئِيَت لرسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عَورة بعد ذَلك (٢).

فلمّا أجمعوا على هَدْمها قال بعضهم: لا تُدخلوا فى بنائها من كَسْبِكم إلّا طيّبًا، ما لم تقطعوا فيه رَحمًا، ولم تَظْلموا فيه أحَدًا، فبدأ الوليد بن المغيرة بهدمها، وأخذَ المِعْول ثمّ قامَ عليها يطرح الحجارة وهو يقول: اللهم لم تُرَع إنّما نريد الخير، فهدم وهدمت معه قريش، ثمّ أخذوا فى بنائها، وميّزوا البيت، وأقرعوا عليه، فوقع لعبد مَناف وزُهرة ما بين الركن الأسود إلى رُكن الحِجْر وجهُ البيت، ووقع لبنى أسد بن عبد العُزّى وبنى عبد الدّار بن قُصىّ ما بين ركن الحِجْر إلى ركن الحِجْر الآخر، ووقع لتيم ومخزوم ما بين ركن الحِجْر إلى الركن اليمانى، ووقع لسَهم وجُمَح وعَدِىّ وعامر بن لُؤىّ ما بين الرّكن اليمانىّ إلى الركن الأسود، فبنوا، فلمّا انتهوا إلى حيث يُوضع الركن من البيت قالت كلّ قبيلة نحن أحقّ بوضعه، واختلفوا حتى خافوا القتال (٣).

ثمّ جعلوا بينهم أوّل من يدخل من باب بنى شَيْبَة فيكون هو الذى يضعه، وقالوا: رضينا وسلمنا، فكان رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أوّل مَن دَخَل من باب بنى شَيْبَة، فلمّا رَأَوهُ قالوا: هذا الأمين قد رَضِينا بما قَضَى بيننا، ثمّ أخبروه الخبر، فوضع رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، رِدَاءَه وبَسَطَه فى الأرض، ثمّ وَضَع الرُّكن فيه، ثُمّ قال: ليأتِ مِن كلّ رُبع من أرباع قريش رَجُل، فكان فى رُبع بنى عبد مَناف عُتبة ابن ربيعة، وكان فى الرُّبع الثانى أبو زمعة، وكان فى الرّبع الثالث أبو حُذَيفة بن المغيرة، وكان فى الربع الرابع قَيْس بن عَدِىّ (٤).


(١) فى ل وطبعتى إحسان وعطا "تعدّى" تصحيف والتصويب من م، والنويرى ج ١٦ ص ١٠١ وهو ينقل عن ابن سعد ولفظه "إلّا مِنَ التعرّى" والزرقانى ج ١ ص ٢٠٦ والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٣.
(٢) النويرى: نهاية الأرب ج ١٦ ص ٩٩ - ١٠١.
(٣) ابن هشام ج ١ ص ١١٤ - ١٩٥.
(٤) أورده النويرى ج ١٦ ص ١٠٣.