للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلما كانوا قريبًا من غُصَيْنَة جلس سويد يبول، وهو ممتلئ سُكْرا، فَبَصُرَ به إنسان من الخزرج، فأتى المُجَذَّرَ بن ذِياد، فقال: هل لك في الغنيمة الباردة؟ سُويد! أعزل لا سلاح معه، ثمل! فخرج المُجَذَّرُ بالسيف صَلتًا (١)، فلما رآه الفَتَيَانِ وَلّيَا، وهما أعزلان، وثبت الشيخ ولا حَراكَ به، فوقف عليه مُجَذَّر فقال: قد أمكنَ الله منك! فقال: وما تُريدُ بي؟ قال: قَتْلك. قال: فارفَعْ عن العظام (٢) واخْفِض الدِّماغ، وإذا رَجَعْتَ إلى أمك فَقُلْ: إني قَتلتُ سُوَيدَ بنَ الصامت، فقتله فهيَّج قَتْله وقعةَ بُعاث، وذلك قبل الإسلام، فلما قدم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، المدينة أسلمَ الحارث بن سويد، ومُجَذَّر بن ذياد وشهدَا بدرًا، فجعل الحارث يطلب مُجَذَّرًا يقتله بأبيه، فلا يقدر عليه.

فلما كان يوم أُحُد وجَالَ المسلمون تلك الجولة أتاه الحارث من خلفه فضرب عنقه، فلما رجع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، من حَمراء الأسد، أتاه جبريل فأخبره أن الحارث بن سُوَيد قَتل مُجَذَّر بن ذياد غِيلَةً، وأمره بقتله، فركب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى قُبَاء في ذلك اليوم، في يوم حار، فدخل مسجد قُبَاء فصلّى فيه، وسمعتْ به الأنصار فجاءت تُسَلِّم عليه، وأنكروا إتيانه في تلك الساعة وفي ذلك اليوم، حتى طبع الحارث بن سويد في مِلحفة مُوَرَّسة، فلما رآه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، دعا عُوَيْم (٣) بنَ ساعدة، فقال: قَدِّم الحارثَ بن سويد إلى باب المسجد فاضرب عنقَه بمُجَذَّر بن ذِياد، فإنه قتله غِيلَةً، فقال الحارث، قَدْ وَاللهِ قتلته وما كان قتلي إياه رجوعًا عن الإسلام ولا ارتيابًا فيه، ولكنه حميّة الشيطان وأَمرٌ وُكِلْتُ فيه إلى نفسي. وإنّي أتوبُ إلى الله وإلى رسوله مما عَملتُ، وأُخْرِجُ دِيَتَهُ، وأصومُ شهرين متتابعين، وأعتق رقبة، وأُطعِم ستين مسكينًا، إِنّي أتوب إلى الله وإلى رسوله! وجَعل يُمْسِكُ بركاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وَرِجْلُ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في الرِكاب، وَرِجْل في الأرض، وبَنُو مُجَذَّر حُضُورٌ لا يقول رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -،


(١) صلتًا: أي مجردًا.
(٢) لدى الواقدي "الطعام".
(٣) عويم: تحرف في الأصل إلى "عويمر" وصوابه من مغازي الواقدي وكتب التراجم الخاصة بالصحابة.