للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عيسى بن طلحة، قال: لما توفي رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وارتدَّت العرب، ارتد أهل هَجَر عن الإسلام، فقال أبان بن سعيد لعبد القيس بلغُوني مأمني، قالوا: بل أقم فلنجاهد معك في سبيل الله فإن الله مُعِزٌّ دينه ومُظهره على ما سواه، وعبدُ القيس لم ترجع عن الإسلام. قال: بل بلّغُوني مأمني، فأشهَدُ أمرَ أصحابِ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فليس مثلي يغيب عنهم، فأحيا بحياتهم وأموت بموتهم. فقالوا: لا تفعل أنت أعز الناسِ وهذا عليك وعلينا فيه مقالةٌ، يقول قائلٌ: فَرَّ من القتال (١).

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: فحدثني معاذ بن محمد، عَن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جهم، قال: مشى إليه الجارُودُ العَبدِي فقال: أنشدك الله أن تخرج من بين أظهرنا، فإن دارنا منيعةٌ، ونحن سامعون مطيعون، ولو كنت اليوم بالمدينة لَوَجَّهَكَ أبو بكر إلينا لمحالفتك إيانا، فلا تفعل فإنك إنْ قدمت على أبي بكر لَامَك وَفَيَّل (٢) رأيك وقال: تخرج من عند قوم أهل سمع وطاعة ثم رَجَعَكَ إلينا، قال: إذن لا أرجع أبدًا ولا أعمل لأحد بعد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فلما أبى عليه إلا كلمةً واحدةً قال أبان: إن معي مالًا قد اجتمع، قالوا: احمله فحمل مائةَ ألف درهم وخرج معه بثلاثمائة من عبد القيس خُفَرَاءَ حتى قدم المدينة على أبي بكر، فلامه أبو بكر وقال: ألا ثَبَتّ مع قوم لم يرتَدُّوا ولم يُبَدِّلوا!؟ قال أبان: هم على ذلك ما أرغبهم في الإسلام وأحسن نياتهم، ولكن لا أعمل لأحدٍ بعد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - (٣).

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني عمر بن عثمان المخزومي، عن عبد الملك بن عُبيد، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع، قال: قال عمر بن الخطاب لأبان بن سعيدٍ حين قدم المدينة: ما كان حقك أن تقدم، وتترك عملك بغير إذن إمامك ثم على هذه الحال، ولكنك أمنته، فقال أبان: إني والله ما كنت لأعمل لأحدٍ بعد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كنت عاملًا لأبي بكر في فضلِه وسابقته


(١) الخبر بسنده ونصه لدى ابن عساكر في تاريخه - مختصر ابن منظور.
(٢) قال الرجل في رأيه وفَيَّلَ إذا لَم يُصب فيه (النهاية).
(٣) الخبر بسنده ونصه لدى ابن عساكر في تاريخه - مختصر ابن منظور.