للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعد الموت، وجعلتُ أحبُّ النظر إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى أَنْ رأيتُه خارجًا من باب بني شَيْبَة يريد مَنزِلَهُ بالأَبْطَح، فأردتُ أن آتِيَه وآخُذَ بيده وأُسلِّم عليه، فلم يُعْزَمْ لي على ذلك، وانصرفَ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، راجعًا إلى المدينة، ثم عُزِمَ لي على الخروج إليه، فأدْلجتُ إلى بطن يَأْجَج (١)، فألقى خالدَ بن الوليد، فاصطحبنا حتى وصلنا الهَدَةَ (٢)، فما شعرنا إلا بعمرو بن العاص، فانقمعنا منه وانقمع منّا، ثم قال: أين يُريدُ الرجلان؟ فأخبرناه، فقال: وأنا أريد الذي تريدان، فاصطحبنا جميعًا حتى قدمنا المدينة على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فبايعته على الإسلام، وأقمت حتى خرجت معه في غزوة الفتح، ودخل مكة فقال لي: يا عثمان ائْتِ بالمفتاح، فأتيتُهُ بهِ، فأخذه مني ثم دفعه إليّ مُضْطَبِعًا (٣) عليه بثوبه، وقال: خُذها تالدةً خالدةً، لا ينزعُها منكم إلا ظالم: يا عثمان، إن الله استأمنكم على بيته، فكلوا مما يصلُ إليكم من هذا البيت بالمعروف. قال عثمان: فلما ولَّيتُ ناداني، فرجعت إليه فقال: ألم يكن الذي قلتُ لك؟ قال: فذكرت قوله، - صلى الله عليه وسلم -، لي بمكة قبل الهجرة: لعلك سترى هذا المفتاح يومًا أضعه حيث شئت فقلت: بلى أشهد أَنَّكَ رسولُ الله (٤).

قال: أخبرنا أنسَ بن عياض أبو ضَمرة اللّيثي، قال: حدّثنا محمد بن أبي يحيى، عن عمر بن أبي مُعَتِّب عن سعيد بن المسيِّب، قال: لما دخل رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، مكة ففتحها، أخذَ المفتاح بيده ثم قام للناس، فقال: هل من متكلِّم؟ هل من أحدٍ يتكلَّم؟ قال: فتَطَاول العباسُ ورجالٌ من بني هاشم رجاءَ أَنْ يدفعها إليهم مع السِّقاية قال [فقال] لعثمان بن طلحة: تعالَ. قال فجاء فوضعها في يده (٥).


(١) موضع على ثلاثة أميال من مكة.
(٢) الهَدَة: بتخفيف الدال، موضع لأعلى مرّ الظهران على مرحلة من مكة.
(٣) ورد لدى ابن الأثير في النهاية (ضبع) ومنه الحديث "أنه طاف مُضْطبِعًا. . ." هو أن يأخذ الإزارَ أو البُرْدَ فيجعل وسطه تحت إبْطِه الأيمن، ويُلقى طَرَفيه على كَتِفه الأيسر من جِهَتَيْ صدره وظهره.
(٤) الخبر بنصه عن عثمان بن طلحة لدى ابن عساكر في تاريخه: مختصر ابن منظور.
(٥) الخبر لدى ابن عساكر برواية سعيد بن المسيّب كذلك. وما بين حاصرتين منه.