للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإخوتُهُ، فلما دخل خالد بن الوليد المدينة دخل المسجد وعليه قَبَاءٌ، عليه صَدَأُ الحديد، مُتَقَلِّدًا السيفَ مُعتمًّا في عمامته أَسْهُمٌ، فمرَّ بعمر فلم يكلِّمه ودخل على أبي بكرٍ، فرأى منه كُلَّ ما يُحِبّ، فخرج مسرورًا، فعرفَ عمر أن أبا بكر قد أرضاه، فأمسَكَ عن كلامه، وإنما كان وَجَدَ عليه عمر فيما صنع بِمَالِك بن نُوَيرةَ من قَتْلِهِ إيّاهُ، وتَزَوُّجِ امرأتِهِ، وما كان عليه في نفسه قبل ذلك من أَمْر بني جَذِيمَةُ (١).

قال محمد بن عمر: فهذا أَثْبَتُ عندنا أَنّ خالد بن الوليد رجع من اليمامة إلى المدينة. وقد رَوَى قوْمٌ من أهل العلم أَنَّ أبا بكر الصّدّيق كتب إلى خالد حين فرغ من أهل اليمامةِ أَنْ يَسِيرَ إلى العراق فَفَعَلَ.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا شَيبان بن عبد الرحمن، عن جابر، عن عامر، عن البَرَاء بن عَازِب. قال: وحدثني طلحة بن محمد بن سعيد، عن أبيه، عن سعيد بن المُسَيَّب، قالا: كتبَ أبو بكر الصديق إلى خالد بن الوليد حين فرغ من أهل اليمامة أن يسير إلى العراق، فخرج خالد من اليمامة فسار حتى أَتَى الحِيرَةَ فنزل بِخَفَّانِ (٢) - والمرزُبَان بالحِيرَةِ مَلِكٌ كان لكسرى، مَلَّكَهُ حين مات النُّعمان بن المُنْذِر - فتلقاهُ بنو قَبيصَةَ وبنو ثَعْلَبةَ، وعبد المسيح بن حَيَّان بن بُقَيْلَةَ، فصالَحوه عن الحِيرَةِ وأعطوهُ الجزيةَ مائةَ ألف درهم، على أن يَتَنَحَّى إلى السَّوَاد ففعل، وصالحَهم وكتب لهم كتابًا، وكانت أولَ جزية في الإسلام ثم سار خالد إلى عَيْن التَّمر فدعاهم إلى الإسلام فأَبَوْا، فقاتَلَهم قتالًا شديدًا فظفَّرهُ الله بهم، فقتل وسَبَى وبعث بالسَّبْي إلى أبي بكر الصديق. ثم نزل بأهل أُلَّيْس: وهي قرية أسفل الفرات، فصالحَهم، وكان الذي وَلِيَ صُلْحَه هانئ بن جابر الطائِيّ على ثمانين ألف درهم، ثم سار فنزل بِبَانِقْيَا (٣) على شاطئ


(١) الخبر لدى ابن عساكر في تاريخه كما أورده ابن منظور ج ٨ ص ١٩ وانظره كذلك لدى الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٣٧٨.
(٢) خَفَّان: بالفتح ثم التشديد وآخره نون، موضع قرب الكوفة، فوق القادسية.
(٣) بانِقْيا: ناحية من نواحي الكوفة، كانت على شاطئ الفرات.