للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رأيتَ تدبيري لك حيث ضاقت نفسك مُسْتَهْزِمًا (١) على فرسِك الوَرْدِ تستبطئه، فأشرتُ عليك أن تدعوهم إلى كتاب الله وعرفتُ أنّ أهلَ العراق أهلُ شُبَه وأنّهم يختلفون عليه، فقد اشتغل عنك عَلِيٌّ بِهِمْ وَهُم آخِرُ هذا قَاتِلُوهُ، ليس جُندٌ أوْهَنَ كيدًا منهم.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني مفضّل بن فَضالة عن يَزِيد بن أَبِي حَبِيب قال: وحدّثني عبد الله بن جعفر، عن عبد الواحد بن أبي عون، قالا: لما صار الأمر في يَدَيْ معاوية استكثر طُعْمَةَ مصر لعمرو ما عاش، ورأى عَمْرو أنّ الأمر كلّه قد صلح به وبتدبيره وعنائه (٢) وسَعْيه فيه، وظنّ أنّ معاوية سيزيده الشأم مع مصر فلم يفعل معاوية، فتنكَّر عَمْرو لمعاوية فاختلفا وتغالظا وتَمَيَّز الناس وظنُّوا أنّه لا يجتمع أمرهما، فدخل بينهما معاوية بن حُديج فأصلح أمرهما وكتب بينهما كتابًا، وشرط فيه شروطًا لمعاوية وَعَمْرو خاصّةً وللناس عَامَّة (٣)، وأنّ لعمرو ولايةَ مصر سبع سنين، وعلى أنّ على عمرو السمع والطاعة لمعاوية، وتواثقا وتعاهدا على ذلك، وأشهدا عليهما به شُهودًا. ثمّ مضى عمرو بن العاص على مصر واليًا عليها وذلك في آخر سنة تسعٍ وثلاثين، فوالله ما مكث بها إلّا سنتين أو ثلاثًا حتى مات (٤).

قال: أخبرنا الضحّاك بن مَخْلدَ أبو عاصم الشَّيْبَاني النَّبِيل، قال: حدّثنا حَيْوَةُ بن شُريح، قال: حدّثنا يزيد بن أَبِي حَبِيب، عن ابن شِماسة المَهْريّ، قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سِياقة الموت فحوّل وجهه إلى الحائط يبكي طويلًا وابنه يقول له: ما يُبكيك؟ أما بشّرك رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بكذا؟ أما بشّرك بكذا؟ قال: وهو في ذلك يبكي ووجهه إلى الحائط، قال ثمّ أقبل بوجهه إلينا فقال: إنّ أفضلَ ممّا تَعُدّ عليّ شهادةُ أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدًا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ولكني


(١) ل "مستهزئًا".
(٢) كذا في ل وبهامشها: الأصل "وغنائه". رواية ل تتفق وما ورد لدى ابن عساكر كما في المختصر وفي ث "وغنائه".
(٣) كذا في ث، وهو يوافق ما لدى ابن عساكر كما في المختصر وفي ل "وللناس عليه".
(٤) الخبر بسنده ونصه لدى ابن عساكر في تاريخه كما في المختصر.