وكانت عنده أُمّ الحَكَم بنت أَبِي سفيان بن حرب بن أُميَّة بن عَبْد شَمْس، فلما نزل القرآنُ {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[سورة الممتحنة: ١٠] يعني من غير أهل الكتاب، طَلَّق عِياضُ بن غَنْم الفِهْرِي أمَّ الحكم بنت أبي سفيان يومئذٍ، فتزوجها عبد الله بن عثمان الثَّقَفِيّ، فولدت له عَبْدَ الرحمن بن أُمِّ الحَكَم.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أَبِي سَبْرَة، عن إسحاق بن عبد الله بن أَبِي فَرْوَة، عن مَكْحُولٍ، قال: وأخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني مصعب بن ثابت، عن نافع مولى عُمَر، قال: وأخبرنا محمد بن عمر: قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن أبي الزِّناد عن موسى بن عُقْبة. قال: وأخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا محمد بن أَبِي سَبْرَة، عن عَقِيل بن خالدٍ، عن الزُّهْرِيّ. دخل حديثُ بعضهم في حديث بعضٍ قالوا: لما حَضَرت أَبَا عُبَيْدة بن الجَرّاح الوفاة وَلَّى عِياضَ بن غَنْم عَمَلَه الذي كان يليهِ، وكان عياضُ رجلًا صالحًا، فلما نُعي أبو عُبَيْدة إلى عُمر أكثر الاسترجاع والتَّرَحُّم عليه وقال: لَا يَسُدُّ مَسَدَّك أَحدٌ. وسألَ من استخلف على عمله؟ قالوا: عِيَاض بن غَنْم، فَأَقَرَّه وكتب إليه: إني وليتك ما كان أبو عُبَيْدة بن الجَرّاح يَليه، فاعمل بالذى يُحِقُّ الله عليك، وكتب إليه كتابًا طويلًا يأمرهُ فيه (١) وينهاه.
وكان عِيَاضُ بن غَنْم رجلًا سمحًا، وكان يعطي مَا يَمْلِك لَا يَعْدُوه إلى غيره، لرُبَّما جاءه غُلَامُهُ فيقول: ليس عندنا ما تتغدَّوْن به، فيقول: خُذْ هذا الثوبَ فَبِعْهُ السَّاعَةَ فَاشْتَرِ به دَقِيقًا فيُقال له: سبحان الله! أَفَلَا تَقْتَرض خمسة دراهم من هذا المال الذي في ناحية بيتك إلى غدٍ ولا تبيع ثوبك؟! فيقول: والله لأَنْ أُدخل يَدي في جُحْر أَفْعَى فتنال مِنِّي مَا نَالَتْ، أحبُّ إِلَيَّ مِنْ أن أُطمِع نفسي في هذا الذي تقول، فلا يزال يُدافع الشَّيءَ بالشَّيءِ حتى يأتي وقتُ رِزقهِ فَيأْخُذَهُ فيتوسَّع فيه، فمن أدركه حين يأخذ رِزْقَه غَنِم، ومن تركه أيامًا لم يجد عنده درهمًا واحدًا فكُلِّم عُمَرُ بن الخطاب في عياضٍ أشدَّ الكلام وقيل [له]: إنّ عياضًا رجلٌ يبذِّرُ
(١) أخرجه المصنف حين ترجم لعياض مرة أخرى، وابن عساكر في تاريخه كما في مختصر ابن منظور.