-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ألا تَجْلِسُ؟ قال: بَلَى، فجلس رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مُستقْبله، فبينما هو يُحدّثه إذ شَخَص رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فنظر ساعة إلى السّماء، فأخذ يضع بصره حتى وضعه على يمينه فى الأرض، فتحرّف رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عن جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره، فأخذ يُنغِض رأسه كأنّه يستفقه ما يُقال له، وابنُ مظعون ينظر، فلمّا قضَى حاجته واستفقَه ما يُقال له، وشخص بصر رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إلى السّماء كما شخص أول مرّة، فاتّبعه بصره حتى توارى فى السّماء، فأقبل على عثمان بِجِلْستِهِ الأولى، فقال عثمان: يا محمّد فيما كنتُ أُجالسك وآتيك ما رأيتك تفعل كفعلك الغَداةَ، قال: وَما رَأيْتَنى فَعَلْتُ؟ قال: رأيتُك تُشخص بصرك إلى السّماء ثمّ وضعته على يمينك فتحرّفت إليه وتركتنى. فأخذتَ تُنْغِض رأسَكَ كأنك تستفقه شيئًا يُقال لك، قال: أوَفَطِنْتَ لِذاكَ؟ قال عثمان: نعم، قال: فقال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أتَانى رَسُولُ الله آنِفًا وَأنْتَ جَالسٌ، قلتُ: رسولُ الله؟ قال: نَعَمْ، قال: فما قال لك؟ قال:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[سورة النحل: ٩٠]: قال عثمان: فذلك حين استقرّ الإيمان فى قلبى وأحببتُ محمّدًا.
أخبرنا هاشم بن القاسم، أخبرنا عبد الحميد بن بَهرام، أخبرنا شَهْر قال: قال ابن عبّاس: حضَرَتْ عصابةٌ من اليهود، يعنى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يومًا فقالوا: يا أبا القاسم حَدّثْنا عن خِلال نسألُك عنهُنّ لا يعلمهنّ إلّا نبىّ، قال: سَلُونى عَمّا شِئْتُمْ ولكِنِ اجْعَلُوا لى ذِمّة الله وَمَا أخَذَ يَعْقُوبُ عَلى بَنِيهِ لَئِنْ أنَا حَدّثْتُكُمْ شَيْئًا فَعَرَفْتُمُوه لَتُتَابِعُنِّى على الإِسْلامِ، قالوا: فذلك لك: قال: فَسَلُونى عمّا شئتمْ، قالوا: أخبرْنَا عن أربع خِلالٍ نسألك عنهنّ، أخبرْنا أىّ الطّعام حرَّم إسرائيلُ على نفسه من قبل أن تُنَزّلَ التَّوراة، وأخبِرنا كيف ماء المرأة من ماء الرجل، وكيف يكون الذَّكر منه وكيف تكون الأنثى، وأخبرنا كيف هذا النبىّ الأمّى فى النوم ومَن وليّه من الملائكة، قال: فَعَلَيْكُمْ عَهْدُ الله لَئِنْ أنا أخْبَرْتُكُمْ لَتُتَابِعُنِّى، فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق، قال: فَأنْشُدُكُمْ بالّذى أنْزَلَ التّوْرَاةَ عَلى مُوسَى هَلْ تَعْلَمُونَ أنّ إسْرَائيلَ يَعْقُوبَ مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا وَطَالَ سَقَمُهُ مِنْهُ فَنَذَرَ لله نَذْرًا لَئِنْ