فناشده الله ليكتمنّ عليه ثلاثة أيّام فواثقه العبّاس على ذلك، قال: فإنّي قد أسلمتُ ولي مال عند امرأتي ودَين على الناس ولو علموا بإسلامي لم يدفعوا إليّ شيئًا، تركتُ رسولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، قد فتح خيبر وجَرَتْ سِهام الله ورسوله فيها وتركتُه عروسًا بابنة حُيَيّ بن أخطب، وقُتل بني أبي الحُقيق.
فلمّا أمسى الحجّاج من يومه ذلك خرج، وأقبل العبّاس بعدما مضى الأجلُ وعليه حُلّة وقد تخلّق بخلوق وأخذ في يده قضيبًا وأقبل يخطر حتى وقف على باب الحجّاج بن عِلاط فقرعه وقال: أين الحجّاج؟ فقالت امرأته: انطلق إلى غنائم محمد وأصحابه ليَشْتَريَ منها، فقال العبّاس: فإنّ الرجل ليس لك بزوج إلّا أن تَتْبَعي دينَه، إنّه قد أسلم وحضر الفتح مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -.
ثمّ انصرف العبّاس إلى المسجد وقريش يتحدّثون بحديث الحجّاج بن علاط فقال العبّاس: كلا والذي حلفتم به، لقد افتتح رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، خيبر وتُركَ عروسًا على ابنة ملكهم حُيَيّ بن أخطب، فضرب أعناق بني أبي الحُقَيق البيض الجِعاد الذين رأيتموهم سادة النضير من يثرب وخيبر، وهرب الحجّاج بماله الذي عند امرأته. قالوا: مَن أخبرك هذا؟ قال: الصادق في نفسي الثقة في صدري الحجّاج فابعثوا إلى أهله. فبعثوا فوجدوا الحجّاج قد انطلق بماله ووجدوا كلّ ما قال لهم العبّاس حقًّا، فكُبِتَ المشركون وفرح المسلمون ولم تلبث قريش خمسة أيّام حتى جاءهم الخبر بذلك (*).
هذا كلّه حديث محمد بن عمر عن رجاله الذين روى عنهم غزوة خيبر.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني سعيد بن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن جدّه، أنّ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، لما أراد أن يغزو مكّة بعث الحجاجَ بن عِلَاط والعِرْباضَ بن سَارِيَة السُّلَمِيّ إلى بني سليم (١) يأمرهم بقدوم المدينة.
قال محمد بن عمر: وهاجر الحجّاج بن عِلَاط وسكن المدينة ببني أميّة بن زيد وبَنى بها دارًا ومسجدًا يُعْرَفُ به. وهو أبو نصر بن حجّاج وله حديث.