للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: (*) قال محمد بن عمر: حدثتُ عبد الله بن جعفر الزُّهْرِيّ بحديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم فيما ذكرنا أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: هذا إسناد العراق، هكذا يقولون. وأمّا في روايتنا ورواية غيرنا من أهل البلد والعِلم بالسيرة: فأول غزوة غزاها زيد بن أرقم حين بلغ الحلم مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، غزوة المُرَيْسِيع، فَحَضَرَ كلامَ عبد الله بن أُبَيّ بن سلول حين غضب من دعاء جَهْجَاه (١) بن سعيد: يا آل قريش! فذكر المهاجرين فقال: قَدْ نَافَرُونا وكَاثَرونا في بلدنا، وأنكروا مِنَّتَنَا، ثم أقبل على من حضر من قومه فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، فنزلوا منازلكم، وآسيتموهم في أموالكم، وجعلتم أنفسكم أغراضًا للمنايا، فَقُتِلْتُم دونهُ، فَأَيْتَمْتُم أولادَكم، وقللتم (٢) وكثروا، واللهِ، لقد ظننتُ أَني سأموت قبل أَن أَسمع جهجاه يهتف بما هتف به. أَمَا واللهِ، لئن رجعنا إلى المدينة لَيُخْرِجَنّ الأعَزُّ منها الأذَلّ! في كلامٍ له يومئذٍ كثير.

فقام زيد بن أرقم بهذا الحديث كلّه إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره به، فكَرِهَ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، خبرهُ وتغيرَ وجهَهُ، وقال: يا غلام لعلك غضبتَ [عليه!] قال: لا والله، لقد سمعتُهُ منهُ، قال: لعلَّه أَخطأ سمعك! قال: لا والله يا نبي الله! قال: فَلَعَلَّهُ شُبِّهَ عليك! قال: لا والله [لقد سمعته منه يا رسول الله!] وشاع الحديث في العسكر، فأقبل رَهْطٌ مِن الأنصار يُؤَنِّبُونَ زيدًا ويلومونهُ ويقولون: عمدت إلى سيد قومك تقول عليه ما لم يقل، وقد ظلمتَ وقطعت الرحم! فقال زيدٌ: والله لقد سمعتهُ منهُ! ووالله ما كان في الخزرج رجلٌ أحبّ إِلى أَبِي (٣) من عبد الله بن أُبَيّ، ووالله لو سمعتُ هذه المقالة من أبِي لنقلتها إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وإني لأرجو أن يُنْزل الله على نبيه تصديق قولي. وجعل زيدٌ


(*) من هذه العلامة إلى مثلها فيما يلي، ورد لدى الواقدي في المغازي ص ٤١٦ - ٤٢٠ وما بين الحاصرتين منه.
(١) جهجاه: كما في كتب الصحابة. وفي الأصل "جهجها".
(٢) كذا لدى الواقدي الذي ينقل عنه المصنف. وفي الأصل "وذللتم".
(٣) لدى الواقدي الذي ينقل عنه المصنف "ما كان في الخزرج رجل واحد أحبّ إلَيَّ من عبد الله بن أُبَي. . .".