للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَدْ رَامَنِى الأقوامُ قَبْـ … ـلَك فامتنعتُ مِنَ المظالِمْ

فقال مصقلة: يا أمير المؤمنين قد أبقى الله منك ما هو أعظم مِن ذلك، حلمًا وكلأ ومَرعى لأوليائك، وسُما ناقعًا لعدوك فمن يَرومك؟ كانت الجاهليّة وأبوك سيد المشركين، وأصبحَ النَّاس مسلمين وأنت أمير المؤمنين. وأقام مصقلة فوصله معاوية وأذن له في الانصراف إلى الكوفة فقيل له: كيف تركتَ معاوية؟ قال: زعمتم أنه لما بِهِ، والله لَغَمَزَ يَدِى غَمْزة كَادَ يَحْطِمُهَا (١) وَجَبذَنِي جَبْذَة كاد يَكْسِر منِّى عضوًا (٢).

قال: أخبرنا علي بن محمّد عن أبي عبيد الله عن عُبَادة بن نُسَيّ قال: خطب معاوية النَّاس فقال: إِنّى مِن زَرْعٍ قد استَحصد، وقد طالت إمْرَتِي عليكم حتَّى مَلَلْتكم ومَلَلَتْمونى، وتمنيتُ فراقكم وتمنيتم فراقى، ولا يأتيكم بعدى خير منى، كما أن مَن كان قبلى خير منى، وقد قيل: مَن أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه، اللهم أنى قد أحببتُ لقاءك فأحبب لقائى (٣).

قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري عن حَكيم بن حَكيم بن عباد بن حُنَيْف: أن معاوية حين حُضِرَ، دعا ابنَه يزيدَ فأوصاهُ بتقوى الله، ثمّ قال: إنى قد أحكمتُ هذا الأمرَ فعليك بالجِدِّ في أمرك والرفقِ بالناس، فإنك إذا رفقتَ بهم أخذت ثمرةَ قلوبهم ما لم يكن رفقك ضعفًا تركب فيجترئ عليك.

وقد خلفت بعدى ثلاثة هم أخوف مَن أخاف عليك أن يسفه عليك ما في يديك: حسين بن عليّ بن فاطمة بنت رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أحب النَّاس إلى النَّاس، فَصِلْ رَحِمَه وارفُق به يصلح لك أمره، وعبد الله بن الزبير لا هو رطبٌ فَتَعصره ولا يابسًا فَتَكسِره -، فارفق به وَصِلْ رَحِمَه يصلح لك أمره. وعمرو بن


(١) قرأها محقق ط "قال زعمتم فراغ يدى غمزة كاد يحطمها" وصواب القراءة من النص، ومثله لدى ابن عساكر في تاريخه كما في مختصر ابن منظور ج ٢٤ ص ٣٣٩.
(٢) أورده ابن عساكر في تاريخه كما في مختصر ابن منظور ج ٢٤ ص ٣٣٩. وذكر محقق ط بحواشيه أنه لم يقف على من خرجه سوى المصنف، والحكم في مثل هذه الأمور دون إعمال فكر وروية فيه إساءة إلى النص ومحققه إساءة بالغة.
(٣) سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ١٥٩.