للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثنا مَعْمَر بن راشد عن الزُّهْرِيّ عن عُروة قال: كان حَكِيم بن حِزَام رجلًا تاجرًا لا يَدَع سوقًا بمكّة ولا تِهَامَةَ إِلَّا حضرها، وكان يقول كان بتهامة أسواق، أعظمها سوق حُبَاشَة، وهي على ثمانى مراحل من مكّة طريق الجَنَد فكنتُ أحضرها، وقد رأيتُ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حضرها، فاشتريتُ بها بَزًّا فقدِمت به مكّةَ فذاك حين أرسلت خديجة إلى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، تدعوه إلى أن يخرج لها إلى سوق حُباشة، وبعثت معه غلامها مَيْسَرة، فخرجا فابتاعا بَزًّا من بَزّ الجَنَد وغيره، ومما فيها من التجارة، فرجعا به إلى مكّة فربحا فيها ربحًا حسنًا، وكانت سوق تقوم كل سنة في رجب ثمانية أيام.

قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثنا إبراهيم بن جعفر بن محمود عن أبيه وغيره قالوا: بكى حَكيم بن حزام يومًا، فقال له ابنُه: ما يُبكيك يَا أَبَهْ؟ قال: خِصَالٌ كلّها أَبْكانى، أما أولها فَبُطء إسلامى حتَّى سُبِقْتُ في مواطن كلّها صالحة، ونجوتُ يوم بدر، ويوم أُحُد، فقلت لا أخرج أبدًا من مكّة، ولا أُوْضع مع قريش ما بقيتُ، فأقمتُ بمكّة، وَيَأْبَى الله أن يشرح قلبى بالإسلام، وذلك أنى أنظر إلى بقايا من قريش لهم أسنان، متمسكين بما هم عليه من أمر الجاهليّة، فأقتَدى بهم، ويا ليت أَنِّى لم أقتدِ بهم، فما أهلكنا إِلَّا الاقتداء بآبائنا وكُبَرَائنا، فلما غزا رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مكة جعلت أفكر، وأتانى أبو سفيان بن حرب، فقال: أبا خالد، والله إنى لأخشى أن يأتينا محمّد في جُمُوع يَثْرِبَ فهل أنت تابعى إلى سَرِف (١) نستروِح الخبر؟ قلتُ: نعم. قال: فخرجنا نتحدث ونحن مُشاة حتَّى إذا كنا بمر الظَّهْران إذا رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في الدَّهْم (٢) من النَّاس، فَلَقِىَ العباسُ بن عبد المطّلب أبا سفيان، فذهب به إلى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فرجعت إلى مكّة فدخلت بيتى، فأَغْلَقْتُه عليّ وطويتُ ما رأيتُ وقلت: لا أُخْبِر قريشًا بذلك، ودخل رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مكّة فَأَمَّن الناسَ فجئته، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بعد ذلك بالبَطْحاء فأسلمتُ وصدَّقْتُه وشهدت أن ما جاء به حق، وخرجتُ معه إلى حُنَين فأَعطى رجالًا مِن المغانم أموالًا، وسألته يومئذ فألحفتُ المسألة (٣).


(١) تحرف لدى المزى وهو ينقل عن ابن سعد إلى "شرف".
(٢) أي العدد الكثير.
(٣) أورده المزى ج ٧ ص ١٨٣، ١٨٤ برواية ابن سعد.