للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ما ابتعتُها إلا بِزِقٍّ من خَمْر، ولقد وصلتُ الرَّحِمَ، وحملتُ الكَلَّ، وأعطيتُ في السبيل. وكان حَكِيم بن حِزام يشترى الظَّهْرَ (١) والأَدَاة والزاد، ثم لا يَجِيئُهُ (٢) أحد يَسْتَحمله في السبيل إلا حمله. قال: فبينا هم يومًا في المسجد جلوسًا إذ دَخل رجل من أهل اليمن يطلب حُمْلَانًا يريد الجهاد، قال: فَدُلَّ عَلَى حَكِيم بن حِزَام فجلس إليه فقال: إنى رجل بَعِيد الشُّقّة، وقد أردتُ الجهاد فَدُلِلْتُ عليك لِتَحْمِلَ رُجْلَتِى (٣) وتعيننى على ضعفى. قال: اجلس، فلما أمكنته الشمس وارتفعت ركع ركعات ثم انصرف، وأومأ إلى اليمانى. قال: فتبعته فجعل كلما مرّ بِصُوفَة أو خِرْقَة أو شملة نَفَضَها وأخذها، فقلت: والله ما زاد الذي دلنى على هذا أَنْ لَعِب بِي، أيّ شئ عند هذا من الخير بَعْدَ ما أرى (٤)؟!

قال: فدخل داره فألقى الصوفة مع الصوف، والخِرْقة مع الخِرَق، والشَّمْلَة مع الشِّمال، ثم قال لغلام له: هات بعيرًا ذَلُولًا مُوَقَّعًا. قال: فأتى به ذلولًا موقعًا سنتين، ثم دعا بجَهاز فشده على البعير، ثم دعا بخِطام فَخُطِم، ثم قال: هَلُمّ جُوَالَقين (٥)، قال: فأُتِى بجوالقين، فَأَمَر فَجُعِل فيهما دقيق وسُوَيْق وعُكَّة من زيت، وقال انظر: ملحًا وجرابًا مِن تمر. حتى إذا لم يبق شئ مما يحتاج إليه مسافر إلا هيأه، أعطانيه وكسانى، ثم دعا بخمسة دنانير فدفعها إليّ فقال: هذه للطريق، قال: فخرجت من عنده وكان هذا فعلَ حَكِيم بن حِزام (٦).

وكان معاوية عام حَجَّ مَرّ به، وهو ابن مائة وعشرين سنة، فأرسل إليه بلَقُوح يَشْرَب من لَبَنِها، وذلك بعد أن سأله أَيَّ الطعام تأكل؟ فقال: أمّا مَضْغٌ فلا مَضْغَ فِيّ. فأرسل إليه باللقوح، وأرسل إليه بِصِلَةٍ فأبى أن يقبلها وقال: لم آخذ من أحد


(١) الإبل التي يُحمل عليها وتركب.
(٢) كذا في الأصل ومثله في الجمهرة ص ٣٦٩، والمزى ج ٧ ص ١٧٦، ومختصر ابن عساكر ج ٧ ص ٢٣٦، وقرأها محقق ط "يجيبه". وهو تحريف.
(٣) كذا في الأصل ومثله في الجمهرة وتهذيب المزى، وقرأها محقق ط "رجلى" وهو تحريف. والرجلة: المشْى راجلا، لأنه لا دابة له.
(٤) الخبر لدى الزبير بن بكار ص ٣٦٩، والمزى ج ٧ ص ١٧٦، ١٧٧.
(٥) الجوالق: وعاء يكون فيه الطعام.
(٦) الخبر لدى الزبير بن بكار في الجمهرة ص ٣٦٩، ٣٧٠، والمزى ج ٧ ص ١٧٧.