للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صانعًا إذ كان أبو طالب حيًّا فاصنعه، لا واللّات لا يوصل إليك حتى أموت! وسَبّ ابنُ الغيطلة النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، فأقبل عليه أبو لهب فنالَ منه، فولّى وهو يصيح: يا معشر قريش صَبأ أبو عُتبة! فأقبلت قريش حتى وقَفوا على أبي لهب، فقال: ما فارقتُ دينَ عبد المطّلب ولكني أمنع ابن أخي أن يُضام حتى يمضي لما يريد، قالوا: قد أحسنت وأجملت ووصلت الرحم: فمكث رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كذلك أيّامًا يذهب ويأتي لا يعترض له أحدٌ من قريش، وهابوا أبا لهب، إلى أن جاء عُقبة بن أبي مُعيط وأبو جَهل بن هشام إلى أبي لهب فقالا له: أخبرك ابن أخيك أين مدخل أبيك؟ فقال له أبو لهب: يا محمّد أين مدخل عبد المطّلب؟ قال: مَعَ قَوْمِهِ، فخرَج أبو لهب إليهما فقال: قد سألته فقال مع قومه، فقالا: يزعم أنّه في النّار، فقال: يا محمّد أيدخل عبد المطّلب النّار؟ فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: نَعَمْ، وَمنْ مَاتَ عَلى مِثْلِ مَا مَاتَ عَلَيْهِ عَبْدُ المُطّلِبِ دَخَلَ النارَ، فقال أبو لهب: والله لا برحتُ لك عدوًّا أبدًا، وأنت تزعم أن عبد المطّلب في النّار! فاشتدّ عليه هو وسائر قريش (١).

أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن أبي الحُوَيرث عن محمّد بن جُبير بن مُطعم قال: لما توفي أبو طالب تناولت قريش من رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، واجترءوا عليه فخرجَ إلى الطائف ومعه زَيد بن حارثة، وذلك في ليال بقين من شوّال سنة عشر من حين نُبِّئ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال محمّد بن عمر بغير هذا الإسناد، فأقام بالطائف عشرة أيّام لا يَدَع أحدًا من أشرافهم إلّا جاءه وكلّمه، فلم يجيبوه وخافوا على أحداثهم فقالوا: يا محمّد اخرج من بلدنا والحقْ بمُجابك من الأرض، وَأَغْرَوْا به سُفهاءهم، فجعلوا يَرمونه بالحجارة حتى إن رجليْ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، لتَدميان وزَيد بن حارثة يقيه بنفسه، حتى لقد شُج في رأسه شجاج، فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من الطائف راجعًا إلى مكّة وهو محزون لم يَستجب له رجل واحد ولا امرأة (٢).

فلمّا نزل نخلة قام يصلّي من الليل فصُرف إليه نَفَرٌ من الجنّ، سبعة من أهل


(١) النويري: نهاية الأرب ج ١٦ ص ٢٧٩ نقلًا عن ابن سعد.
(٢) أورده النويري في نهاية الأرب ج ١٦ ص ٢٨٠ نقلًا عن ابن سعد.