للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجع الحديث إلى الأوّل، قالوا: وكانت لأبي بكر منيحة غنم يرعاها عامر بن فُهَيرة، وكان يأتيهم بها ليلًا فيحتلبون فإذا كان سَحَرٌ سرح مع الناس. قالت عائشة: وجهّزناهما أحبّ الجهاز، وصنعنا لهما سُفْرة في جِراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فَأوْكَت به الجراب، وقَطَعت أُخرى فصيّرته عِصامًا لفم القِرْبة، فبذلك سُمِّيَت ذات النطاقين. ومكثَ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكر في الغار ثلاث ليال، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، واستأجر أبو بكر رجلًا من بني الدِّيل هاديًا خِرِّيتًا (١) يقال له عبد الله بن أرَيْقط، وهو على دين الكفر. ولكنّهما أمناه، فارتحلا ومعهما عامر بن فُهيرة، فأخذ بهم ابن أريقط يَدَ بَحْرٍ (٢)، فما شعرت قريش أين وَجّه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -. حتى سمعوا صوتًا من جنّيّ من أسفل مكّة، ولا يُرى شخصُه:

جَزَى اللهُ رب النّاس خيرَ جَزَائِهِ … رَفيقينِ قالا خَيْمَتَيْ أمّ مَعْبدِ

هُمَا نَزَلا بالبِرّ وَارْتَحَلا بِهِ … فقد فازَ مَنْ أمْسى رَفيقَ محَمّد

(*) أخبرنا الحارث قال: حدّثني غير واحد من أصحابنا، منهم محمّد بن المثنّى البزّاز وغيره قالوا: أخبرنا محمّد بن بشر بن محمّد الواسطي، ويكنى أبا أحمد السكري، أخبرنا عبد الملك بن وهب المذحجي عن الحُرّ بن الصيّاح عن أبي معبد الخزاعي أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، لما هاجر من مكّة إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فُهيرة مولى أبي بكر، ودليلهم عبد الله بن أُريقط الليثي، فمروا بخَيْمَتَى


(١) لدى ابن الأثير في النهاية (خرت) وفي حديث الهجرة "فاستأجرا رجلا من بني الدِّيل هاديا خِرِّيتا" الخريت: الماهر الذي يهتدى لأخرات المفازة وهي طرقها الخفية ومضايقها.
(٢) في ل "ىرىحر" كذا دون وضع أي نقط. والمثبت من م، ولفظ البخاري ج ٥ ص ٧٦ "وانطلق بهما عامر بن فهيرة والدليل فأخذ بهم طريق الساحل" ومما يعضد رواية م كذلك ما ورد لدى البيهقي في دلائل النبوة ج ٢ ص ٢٠٨ "فارتحلا وانطلق عامر بن فهيرة والدليل الدؤلي فأخذ بهما يَدَبَحْرِ وهو طريق الساحل" وكذلك ما ورد لدى ابن الأثير في النهاية (يد) وفي حديث الهجرة "فأخذ بهم يَدَ البَحْر" أي طريق الساحل.
(*) من هذه العلامة إلى مثلها في ص ١٩٨ أورده النويري ج ١٦ ص ٣٣٦ - ٣٣٧، والصالحي ج ٣ ص ٣٤٦ فما بعدها.