قال: أخبرنا محمد بن عُبَيْد الطَّنَافِسيّ قال: حدّثنا الأَعْمَش عن عُمَارَة بن عُمير عن عبد الرحمن بن يزيد في حديث رواه أن الأشعث بن قيس كان يكنى أبا محمد.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني خالد بن القاسم عن زُرْعَة بن عبد الله بن زياد بن لبيد قال: كان رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قد استعمل زِيَاد بن لَبِيد عَلَى حَضْرَمَوْت وقال له: سِرْ مع هؤلاء القوم - يعني وفد كندة - فقد استعملتك عليهم. فسار زياد معهم عاملًا لرسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، على حضرموت على صدقاتها - الثمارِ والخفِّ والماشية والكراعِ والعشور - فكتب له كتابًا فكان لا يعدوه إلى غيره ولا يقصر دونه! فلما قُبض النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، واستُخلف أبو بكر، كتب إلى زياد يقرُّه على عمله، ويأمره أن يبايعَ من قبله، ومن أَبَى وطئهُ بالسيف، ويستعين بمَنْ أَقْبَل عَلَى مَنْ أَدْبَر. وبعث بكتابه إليه مع أبي هند البياضيّ. فلما أصبح زيادٌ غَدَا فنعى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى الناس وأخذهم بالبيعة لأبي بكر وبالصَّدقة، فامتنع قوم من أن يعطوا الصدقة، وقال الأشعث بن قيس: إذا اجتمع الناس فما أنا إلا كائدهم، ونكص عن التقدم إلى البيعة. فقال له امرؤ القيس بن عابس الكندي: أنشدك الله يا أشعث، ووفادتَك على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وإِسلامَك أن تنقضه اليوم، ليقومن بهذا من بعده مَن يقتلُ مَن خالفه، فإياك إياك، وأَبقِ على نفسك، فإنك إن تقدَّمتَ تقدَّمَ الناسُ معك، وإن تأخرتَ افترقوا، واختلفوا. فأَبَى الأَشعث وقال: قد رجعت العربُ إلى ما كانت الآباء تعبد، ونحن أقصى العرب دارًا من أبي بكر، أيبعث إلينا أبو بكر الجيوش؟ فقال امرؤ القيس: إِى واللهِ، وأُخرى: لا يدَعك عامل رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ترجع إلى الكفر. فقال الأشعث: مَنْ؟ قال: زياد بن لبيد. فتضاحك وقال: أما يرضى زيادٌ أن أُجِيره؟! فقال امرؤ القيس: سترى (١)!
ثم قام الأشعث فخرج من المسجد إلى منزله، وقد أظهر ما أظهر من
(١) أورده ابن عساكر - المختصر - من رواية ابن سعد ج ٤ ص ٤١٢.