للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد ذُكِرَ لنا أن رجلًا من قريش يقال له محمد قد خرج بالحجاز يقول إنه نبي، فانْطَلِق بنا إليه حتى نعلم علمه، فإن كان نبيًا كما يقول، فإنه لن يخفى علينا إذا لقيناه اتبعناه، وإن كان غير ذلك علمنا علمه: فإنه إن يسبق إليه رجل من قومك سَادَنَا وتَرأَّسَ علينا وكنا له أذْنَابًا فأبَى عليه قيس وسفّه رأيه.

فركب عَمرو بن معديكرب حتى قدم المدينة، فقال حين دخلها وهو آخذ بزمام راحلته: من سيد أهل هذه البحيرة من بني عمرو بن عامر؟ فقيل له: سعد بن عُبادة، فأقبل يقود راحلته حتى أناخ ببابه، فقيل لسعد: عمرو بن معديكرب، فخرج إليه سعد فرحَّب به وأمر برَحْله فحط وأكرمه وحَبَاه، ثم رَاحَ به إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فأسلم وأقام أيامًا، وأجازه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كما يجيز الوفد، وانصرف راجعًا إلى بلاده (١).

وأقام عمرو مع زبيد قومه وعليهم فَرْوَة بن مُسَيك سامعًا مطيعًا إذا أراد أن يغزو أطاعه، وكان فروة يصيب كل من خالفه، فلما بلغ قيس بن مكشوح خروج عمرو بن معديكرب أوعدَ عمرًا وتحطم عليه: خَالَفني وترك رأيي، وقال عمرو في ذلك شعرًا. قال محمد بن عمر سمعتها من مشيختنا:

أمرتكَ يوم ذي صَنْعا … ء أمرًا باديًا رَشَدُهُ

أَمَرْتُكَ باتِّقَاء اللـ … ــه والمعروف تأتقدُهُ

خرجتَ من المنى مثل الـ … ــحُمَيِّر عَارُه وتِدُهْ

وجعل عمرو بن معديكرب يقول: قد خبرتك يا قيس بن مكشوح، إنك يا قيس ستكون ذَنَبًا تابعًا لفروة بن مسيك، وجعل فروة يطلب قيس بن مكشوح كل الطلب حتى فرّ من بلاده.

فلما توفي رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ثبت فروة بن مسيك علي الإسلام، يغير على من خالفه بمن أطاعه، وارتدّ عمرو بن معديكرب بعد وفاة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقال حين ارتد وهي ثبت (٢):


(١) أورده ابن حجر في الإصابة ج ٤ ص ٦٨٦ - ٦٨٧.
(٢) ابن هشام ج ٤ ص ٥٨٥، والطبري ج ٣ ص ٣٢٧، ومختصر تاريخ دمشق ج ١٩ ص ٣٠٣.