رجع إلى أهله، فقال نبيّ الله، - صلى الله عليه وسلم -: أيّ بُيُوتِ أهْلِنَا أقْرَبُ؟ قال فقال أبو أيّوب: يا نبيّ الله هذه داري وهذا بابي، قال فقال: اذْهَبْ فَهَيّئْ لَنَا مَقِيلًا، قال: فذهب فهيّأ لهما مَقِيلًا ثمّ جاء فقال: يا نبيّ الله قد هيأتُ لكما مقيلًا، قوما على بركة الله فقيلا.
قال: ثمّ رجع الحديث إلى الأوّل، قالوا: أقام رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ببني عمرو بن عوف يوم الاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس، وخرج يوم الجمعة فجمّع في بني سالم، ويقال: أقام ببني عمرو بن عوف أربع عشرة ليلة، فلمّا كان يوم الجمعة ارتفاعَ النهار دعا راحلته وحشد المسلمون وتلبّسوا بالسلاح وركب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ناقته القصواء والنّاس معه عن يمينه وشماله فاعترضته الأنصار لا يمرّ بدار من دورهم إلّا قالوا: هلمّ يا نبيّ الله إلى القوّة والمَنَعَة والثروة، فيقول لهم خيرًا ويدعو لهم ويقول: إنّهَا مَأمُورَةٌ فَخَلّوا سَبِيلَهَا، فلمّا أتى مسجد بني سالم جَمَّعَ بمن كان معه من المسلمين وهم مائة.
أخبرنا يحيَى بن محمّد الجاري قال: حدّثني مُجَمِّع بن يعقوب أنّه سمع شُرَحْبِيل بن سعد يقول: لما أراد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أن ينتقل من قُباء اعترضت له بنو سالم فقالوا: يا رسول الله، وأخذوا بخطام راحلته، هلمّ إلى العَدد والعُدّة والسلاح والمنعة، فقال: خَلّوا سبيلها فإنّهَا مَأمُورَةٌ، ثمّ اعترضت له بنو الحارث بن الخزرج فقالوا له مثل ذلك فقال لهم مثل ذلك، ثمّ اعترضت له بنو عديّ فقالوا له مثل ذلك فقال لهم مثل ذلك، حتى بركت حيثُ أمرها الله.
قال: ثمّ رجع الحديث إلى الأوّل، قال، ثمّ ركب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ناقته وأخذ عن يمين الطريق حتى جاء بَلْحُبْلَى ثمّ مضى حتى انتهى إلى المسجد فبركت عند مسجد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فجعل النّاس يكلّمون رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في النزول عليهم، وجاء أبو أيّوب خالد بن زيد بن كليب فحطّ رحله فأدخله منزله، فجعل رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يقول: المَرْءُ مَعَ رَحْلِهِ! وجاء أسعد بن زُرارة فأخذ بزمام راحلة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فكانت عنده، وهذا الثبت. قال زيد بن ثابت: فأوّل هديّة دخلت على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في منزل أبي أيّوب هدية دخلتُ بها إناء قصعة مثرودة فيها خبز وسمن ولبن فقلت: أرسلتْ بهذه القصعة أمّي، فقال: