للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيهم قيسٌ حتى نزل مَسْكِن (١) والأَنْبار (٢) وناحيتها. وسار الحسن حتى نزل المدائن؛ وأقبل معاوية في أهل الشام يريد الحسن حتى نزل جسر مَنْبِج (٣) فبينا الحسَن بالمدائن إذ نادى مناديه في عسكره ألا إن قَيْس بن سَعد قد قُتل. قال: فشدّ الناسُ على حُجْرة الحسن فانتهبوها حتى انتهِبَت بُسُطُه وجواريه، وأخذوا رداءه من ظهره، وطَعَنه رجل من بني أسد يقال له: ابن أُقَيْصر بخنجر مَسْمُوم في أَلْيَته، فتحوَّلَ من مكانه الذي انتهب فيه متاعُهُ، ونزل الأبيضَ قصرَ كِسرى، وقال عليكم لعنة الله من أهل قرية، فقد علمتُ أنْ لا خيرَ فيكم، قتلتم أبي بالأمس، واليوم تفعلون بي هذا؟! ثم دعا عَمرو بن سَلَمَة الأَرْحَبيّ، فأرسله وكتب معه إلى معاوية بن أبي سفيان يسأله الصلح ويُسَلِّم له الأمر على أن يُسَلِّم له ثلاث خصال: يُسَلِّم له بيت المال فيقضي منه دَيْنَه ومواعيدَه التي عليه، ويتحَمّل منه هو وَمَنْ معه مِنْ عيالِ أبيه وولده وأهل بيته، ولا يُسَبُّ على وهو يَسْمَع. وأن يُحْمَلَ إليه خراج فَسَا (٤) ودَرَابِجَرْد (٥) من أرض فارس كل عام إلى المدينة ما بقي، فأجابه معاوية إلى ذلك وأعطاه ما سأل (٦).

ويقال: بل أرسل الحسن بن علي عبدَ الله بن الحارث بن نَوْفَل إلى معاوية حتى أخذ له ما سأل، وأرسل معاوية عبد الله بن عامر بن كُرَيْز، وعبد الرحمن بن سَمُرَة بن حَبيب بن عبد شمس فقدما المدائن إلى الحسن فأعطياه ما أراد، ووثَّقا له، فكتب إليه الحسن أن أَقْبِل، فأقبلَ من جسر مَنْبِج إلى مَسْكِن في خمسة أيام وقد دخل يوم السادس. فسلّم إليه الحسن الأمر وبايعه ثم سارا جميعًا حتى قدما الكوفة، فنزل الحسن القَصْرَ، ونزل معاوية النُّخَيْلَة، فأتاه الحسن في عسكره غير مرة، ووفَّى معاوية للحسن ببيت المال، وكان فيه يومئذ ستة آلاف ألف درهم


(١) موضع على نهر دجيل (ياقوت).
(٢) مدينة على الفرات (ياقوت).
(٣) بلد قديم بينه وبين الفرات ثلاثة فراسخ.
(٤) مدينة بفارس (ياقوت).
(٥) كورة بفارس (ياقوت).
(٦) أورده المزي في تهذيب الكمال ج ٦ ص ٢٤٦ نقلًا عن المصنف.