للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأبرد مروان يومئذ إلى معاوية يخبره بموت حسن بن علي، وأنهم يريدون دفنه مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنهم لا يصلون إلى ذلك أبدًا وأنا حي، فانتهى حسين بن علي إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: احفروا ها هنا، فَنكب عنه سعيد بن العاص وهو الأمير فاعتزل، ولم يحل بينه وبينه، وصاح مروان في بني أمية ولَفها (١) وتلبسوا السلاح، وقال مروان: لا كان هذا أبدًا، فقال له حسين: يا ابن الزرقاء! مالك ولهذا أوالٍ أنت؟ قال: لا كان هذا ولا خُلِصَ إليه وأنا حي. فصاح حسين بحلف الفضول، فاجتمعت هاشم، وتَيْم، وزُهرة، وأَسد، وبنو جَعْوَنَةَ بن شَعُوب من بني ليث قد تلبسوا السلاح، وعقد مروان لواءًا وعقد حُسين بن علي لِوَاءً (٢).

فقال الهاشميون: يُدفن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى كانت بينهم المراماة بالنبل، وابن جَعونة بن شَعوب يومئذ شاهر سيفه، فقام في ذلك رجال من قريش، عبد الله بن جَعفر بن أبي طالب والمِسْور بن مَخْرمة بن نَوفل، وجعل عبد الله بن جعفر يلح على حسين وهو يقول: يابن عم ألم تسمع إلى عهد أخيك: إن خِفتَ أن يُهراق فيّ مِحجم من دم فادفني بالبقيع مع أمي؟ أذكرك الله أنْ تُسْفَك الدّماءُ، وحسين يأبَى دفنه إلا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: ويعرض مروان لي: ماله ولهذا (٣)؟ قال: فقال المسور بن مخرمة: يا أبا عبد الله اسمع مني، قد دعوتنا بحلف الفضول فأجبناك، تعلم أني سمعت أخاك يقول قبل أن يموت بيوم: يابن مخرمة إني قد عهدت إلى أخي أن يدفنني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن وجد إلى ذلك سبيلًا، فإن خاف أن يهراق في ذلك محجم من دمٍ فليدفني مع أمي بالبقيع. وتعلم أني أذكرك الله في هذه الدماء، ألا ترى ما ها هنا من السلاح والرجال؟ والناس سِراع إلى الفتنة (٤).

قال: وجعل الحسين يأبَى، وجعلت بنو هاشم والحلفاء يلغطون ويقولون: لا يُدْفَنُ أبدًا إلا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٥).


(١) أي بجماعتهم.
(٢) نفس المصدر ج ٧ ص ٤٤.
(٣) كذا في الأصلين ومثله لدى ابن عساكر في المختصر ج ٧ ص ٤٤.
(٤) مختصر تاريخ دمشق ج ٧ ص ٤٤.
(٥) مختصر تاريخ دمشق ج ٧ ص ٤٤.