للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبكت أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر بن كُرَيز عَلَى حسين، وهي يومئذ عند يزيد بن معاوية فقال يزيد: حُقّ لها أن تُعْوِل عَلَى كَبِير قريش وسيدها.

وقالت فاطمة بنت علي لامرأة يزيد: ما تُرك لنا شيء. فأبلغت يزيد ذلك، فقال يزيد: ما أَتَى إليهم أعظم، ثم ما ادعوا شيئًا ذهب لهم إلا أضعفه لهم، ثم دعا بعلي بن حسين، وحسن بن حسن، وعمرو بن حسن، فقال لعمرو بن حسن وهو يومئذ ابن إحدى عشرة سنة: أتصارع هذا؟ يعني خالد بن يزيد، قال: لا، ولكن أعطني سكينًا وأعطه سكينا حتى أقاتله، فضمه إليه يزيد، وقال: شِنْشِنَةٌ (١) أعرفها من أخْزَمَ، هل تلد الحية إلا حية (٢)؟!

ثم بعث يزيد إلى المدينة: فقُدِم عليه بعِدّةِ من ذوي السِّن من موالي بني هاشم، ثم من موالي عليّ (٣)، وضم إليهم أيضًا عِدّةً من موالي أبي سفيان، ثم بعث بثَقَل الحسين ومن بقى من نسائه وأهله وولده معهم، وجهزهم بكل شيء لم يدع لهم حاجة بالمدينة إلا أمر لهم بها، وقال لعلي بن حسين: إن أحببت أن تقيم عندنا فنصل رحمك ونعرف لك حقك فعلت. وإن أحببت أن أردك إلى بلادك وأصلك، قال: بل تردني إلى بلادي. فرده إلى المدينة ووصله، وأمر الرّسل الذين وجّههم معهم أن ينزلوا بهم حيث شاءوا، ومتى شاءوا، وبعث بهم مع مُحْرز بن حُريث الكلبي، ورجل من بهراء، وكانا من أفاضل أهل الشام.

قال: وبعث يزيد برأس الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص وهو عامل له يومئذ على المدينة فقال عمرو: وددت أنه لم يبعث به إليّ، فقال مروان: اسكت، ثم تناول الرأس فوضعه بين يديه، وأخذ بأرنبته فقال:

يا حَبّذَا بَرْدُكَ في اليدينِ … ولونك الأحمر في الخدّينِ

كأنما باتا بِمُجْسَدَيْنِ (٤)


(١) الشنشنة: العادة الغالبة، والمثل يضرب في قُرب الشَّبه في الخُلُق.
(٢) الطبري ج ٥ ص ٤٦٢.
(٣) ث "بني علي".
(٤) المُجْسَد: هو المصبوغ المُشْبع بالجَسَد، وهو الزعفران أو العُصْفر (النهاية).