للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلم يبرح حتى جاءه ابن الزبير فعزّاه ثم انصرف، فقام ابن عباس فدخل منزله ودخل عليه الناس يعزُّونه. فقال: إنه ليعدل عندي مصيبة حسين شماتَةَ ابن الزبير، أترون مشى ابن الزبير إليّ يعزيني إنْ ذلك منه إلا شَماتة (١).

قال: أخبرنا محمد بن عُمر، قال: فحدثني ابن جُرَيْج، قال: كان الْمِسوَر بن مَخْرَمَة بمكة حين جاء نَعِيّ الحسين بن عليّ، فلقى ابنَ الزبير فقال له: قد جاءك ما كنت تمنّى، موت حسين بن علي، فقال ابن الزبير: يا أبا عبد الرحمن تقول لي هذا؟ فوالله ليته بقي ما بقي بالجمّاء حجر، والله ما تمنيت ذلك له، قال المسور: أنت أشرتَ عليه بالخروج إلى غير وجه، قال: نعم أشرتُ به عليه ولم أدرِ أنهُ يُقتل، ولم يكن بيدي أجله، ولقد جئتُ ابن عباس فعزّيته، فعرفت أن ذلك يثقل عليه مني، ولو أني تركت تعزيته قال: مثلي يُترك!! لا يعزيني بحسين فما أصنع؟ أخوالي وَغِرَة الصدور عليّ، وما أدري على أي شيء ذلك، فقال له المسور: ما حاجتك إلى ذكر ما مضى وَنَثّه (٢)، دع الأمور تمضي وبرّ أخوالك، فأبوك أحمَدُ عندهم منك (٣).

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن رجل، قال: سمعت ابن عباس وعنده محمد بن الحنفية، وقد جاءهم نعي الحسين بن علي، وعزاهم الناس. فقال ابن صفوان: إنا لله وإنا إليه راجعون، أي مصيبة يرحم الله أبا عبد الله وآجركم الله في مصيبتكم. فقال ابن عباس: يا أبا القاسم ما هو إلا أن خرج من مكة فكنْتُ أتوقع ما أصابَه.

قال ابن الحنفية: وأنا والله، فعند الله نحتسبه ونسأله الأجر وحسن الخلف. قال ابن عباس: يا أبا صفوان، أما والله لا يُخَلّد بَعْدُ صاحبُك الشامتُ بموته، فقال ابن صفوان: يا أبا العباس، والله ما رأيت ذلك منه، ولقد رأيته محزونًا بمقتله كثير الترحّم عليه، قال: يريك ذلك لما يعلم من مودتك لنا فوصل الله رحمك، لا يحبنا ابن الزبير أبدًا.


(١) المزي ج ٦ ص ٤٤٠ نقلًا عن ابن سعد، ومختصر تاريخ دمشق ج ٧ ص ١٥٣.
(٢) نثَّ الخبرَ: أفشاه وحقُّه أن يُكْتَم.
(٣) المزي ج ٦ ص ٤٤٠ نقلًا عن ابن سعد، ومختصر تاريخ دمشق ج ٧ ص ١٥٣.