بطاشا (١) أصابتهم السماء فلجأوا إلى خِبَاء رجل فنزلوا به، فذبح لهم وقراهم، فلما سكنت السماء ركبوا، وقالوا له: الحقنا بالمدينة. فقال: والله ما أعرفكم وإني لأرى وجوهًا حسانًا. فقال عبد الله بن جعفر: أنا عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وهذان الحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب، وهذا عبيد الله بن العباس، وهذا عبد الله بن أبي أحمد بن جحش، فقال الرجل: هذا والله الغنى، فتحين رجوعهم من ينبع ثم لحقهم بالمدينة فبدأ بالحسن بن علي فأعطاه خمسمائة شاة وراع، ثم مر عليهم كلهم فأعطاه كل رجل منهم مثل ذلك.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: قيل: أي هؤلاء الثلاثة أسخى، عبد الله بن جعفر، أو الحسن بن علي، أو عبيد الله بن العباس. فقيل: ما رأينا أحدًا أعطى لجزيل من الحسن بن عليّ، وما رأينا أحدًا أعطى لجزيل وغير جزيل من عبد الله بن جعفر، وما مررنا بباب عبيد الله بن العباس في ساعة قط إلا رأينا عنده فَرْثًا رَطْبا. قال: وكان ينحر كل يوم جزورًا في مجزرته فيقسمها، وبه سميت مجزرة ابن عباس، قال: فغلتِ الجُزر حتى بلغت خمسة عشر دينارًا وعشرين دينارًا، فعاتبه عبد الله بن جعفر على ذلك وقال: لا يقوم لهذا مال. فقال: والله لا أدع هذا أبدًا.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا سفيان بن عُيَيْنة، عن عمرو بن دينار، قال: رأيت الحجاج بن يوسف بين عبد الله بن جعفر وبين محمد بن الحنفية.
قال محمد بن سعد: قال محمد بن عمر: وكان عبد الله بن جعفر قد خَرِبَ فُوْهُ وسقطت أسنانُه، فكان يُعْمَل له الثريد والشيء اللين فيأكله، وكان إذا قيل له: إنك ليس تأكل. شَقّ عليه ذلك.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني محمد بن رفاعة بن ثعلبة بن أبي مالك، عن أبيه، عن جَدّه، قال: حضرتُ يوم مات عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وعلى المدينة يومئذ أبان بن عثمان، وكان لابن جعفر صديقًا، كان كثير
(١) واد من كبار روافد وادي الصفراء يأتيه من الشمال من الأشعر.