للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالسيف كُلّ من دنا منه، فصاحت امرأة من الدار واأمير المُؤْمِنِيْنَاه، فابتدره النَّاس فَكَثَرُوه، فقتلوه رحمة الله ورضوانه عليه (١).

قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: حَدَثَّنَا خالد بن إلياس، عن أبي سلمة الحضرمى، قال: دخلت على أسماء بنت أبي بكر يوم الثلاثاء وبين يديها كفن قد أعدّته وَنَشَرته وأجْمَرته (٢)، وأمرت جوارى لها يقمن على أبواب المسجد، فإذا قُتل عبد الله صِحْنَ، فرأيتهنّ (٣) حين قُتل عبد الله صَيّحْن، وأرسلت ليحمل عبد الله.

فأُتِيَ الحجّاج به فحزَّ رأسه، وبعثَ به إلى عبد الملك بن مَروان، وَصَلَب جُثّته فقالت أسماء: قاتَل الله المُبِير، يَحُولُ بينى وبين جثّته أَنْ أُواريها، ثمّ ركِبت دابتها حتّى وقَفَت عليه وهو مصلوب، فدعَت له طويلًا وما تقطر من عينها قَطْرة، ثمّ انصرفت وهى تقول: مَنْ قُتل على باطل فقد قُتِلْتَ على حق، وعلى أكرم قِتْلة ممتنع بسيفك فلا تَبْعَد (٤).

قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: حدثنى نافع بن ثابت، عن عبيد مولى أسماء، قال: لمّا قتل عبد الله، خرجت إليه أمه حتّى وقفت عليه، وهى على دابة، فأقبل الحجاج في أصحابه، فسأل عنها، فأُخْبِر بها، فأقبل حتّى وقف عليها، فقال: كيف رأيتِ؟ نَصَر الله الحقَّ وأَظهرَه. قالت: ربما أُدِيل الباطلُ على الحق، وإنّك بين فَرْثِها والجِيّة (٥)، قال: إن ابنك ألْحَد في هذا البيت، وقال الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [سورة الحج: ٢٥]. وقد أذاقه الله ذلك. العذاب: قَطَعَ السبيل (٦).

قالت: كذبتَ، كان أول مولود في الإسلام بالمدينة، وَسُرّ به رسول الله


(١) أورده ابن عساكر ص ٤٨٤ من طريق الواقدى.
(٢) أى بخرته بالطيب.
(٣) كذا في الأصل ومثله لدى ابن عساكر ص ٤٧١ من طريق الواقدى. وقرأها محقق المطبوع "فرأيته".
(٤) أورده ابن عساكر ص ٤٧١.
(٥) الجيَّة: مستنقع الماء.
(٦) ابن عساكر ص ٤٧٢.