للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثنى محمّد بن عبد الله بن عُبيد بن عُمير قال: سمعتُ رجلًا من أهل الشأم يحدّث في مجلس عمرو بن دينار فسألتُ عنه بعدُ فقيل هو يزيد بن يزيد بن جابر يقول: إنّ معاوية دعا عبيد الله بن عمر فقال: إنّ عليًّا كما ترى في بكر بن وائل قد حامت عليه فهل لك أن تَسيرَ في الشهباء؟ قال: نعم. فرجع عبيد الله إلى خبائه فلبس سلاحه ثمّ إنّه فكّر وخاف أن يُقْتَل مع معاوية على حاله فقال له مولى له: فداك أبى! إنّ معاوية إنّما يُقَدِّمك للموت، إن كان لك الظفر فهو يَلِى، وإن قُتلت استراح منك ومِن ذِكْرِك فأطعْنِى واعتلّ. قال: ويحك، قد عرفتُ ما قلتَ. فقالت له امرأته بَحْريّة بنت هانئ: ما لى أراك مشمّرًا؟ قال: أمرنى أميرى أن أسير في الشهباء، قالت: هو والله مثل التابوت لم يحمله أحد قطّ إلّا قُتل. أنت تُقْتَل وهو الذى يريد معاوية. قال: اسْكُتى والله لأكْثِرَن القتل في قومك اليوم. فقالت: لا يُقْتَلُ هذا، خدعك معاوية وغرّك من نفسك وثقل عليه مكانُك، قد أبرم هذا الأمر هو وعمرو بن العاص قَبْل اليوم فيك، لو كنتَ مع عليّ أو جلستَ في بيتك كان خيرًا لك، قد فعل ذلك أخوك وهو خير منك. قال: اسْكُتى، وهو يتبسّم ضاحكًا. لَتَرينّ الأسارى من قومك حول خبائك هذا.

قالت: والله لكأنّى راكبة دابّتى إلى قومى أطلبُ جسدك أواريه، إنّك مخدوع، إنّما تُمارس قَوْمًا غُلْبَ الرقاب (١) فيهم الحرونُ ينظرونه نظر القوم إلى الهِلَالِ (٢) لو أمرهم بترك الطعام والشراب ما ذاقوه قال: أقْصِرى من العذل فليس لك عندنا طاعة.

فرجع عبيد الله إلى معاوية فضمّ إليه الشهباء، وهم اثنا عشر ألفًا، وضمّ إليه ثمانية آلاف من أهل الشأم فيهم ذو الكلاع في حِمْيَر، فقصدوا يؤمّون عليًّا فلمّا رأتهم ربيعة جثوا على الرّكَب وشرعوا الرّماح حتى إذا غشوهم ثاروا إليهم واقتتلوا أشدّ القتال ليس فيهم إلّا الأسَل والسيوف، قُتِل عبيدُ الله وقُتل ذو الكلاع،


(١) ل: الهامش "غلب الرقاب أى غلاظ".
(٢) كذا في ث، وقد ضبطت الهاء -ضبط قلم- بالكسر. وفى ل "الهلاك" ولا معنى لها.