للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبعث عُمّاله على الأجناد وبايع له أهل الشأم جميعًا. وكان مروان قد أطمع خالد بن يزيد بن معاوية في بعض الأمر ثمّ بدا له فعقد لابنيه عبد الملك وعبد العزيز ابنى مروان بالخلافة بعده.

فأراد أن يضع من خالد بن يزيد ويقصّر به ويزهّد النّاس فيه، وكان إذا دخل عليه أجلسه معه على سريره. فدخل عليه يومًا فذهب ليجلس مجلسه الذى كان يجلسه فقال له مروان وَزَبَره: تَنحّ يابن رَطَبْة الاسْت والله ما وجدتُ لك عقلًا. فانصرف خالد وقتئذٍ مغضبا حتى دخل على أُمّه فقال: فضحتِنى وقصّرتِ بى ونكّستِ برأسى ووضعتِ أمرى. قالت: وما ذاك؟ قال: تزوّجتِ هذا الرجل فصنع بى كذا وكذا. ثمّ أخبرها بما قال فقالت له: لا يسمع هذا منك أحد ولا يعلم مروان أنّك أعلمتنى بشيء من ذلك وادْخُلْ عليّ كما كنتَ تدخل واطْوِ هذا الأمر حتى ترى عاقبته فإنّى سأكفيكه وأنتصر لك منه.

فسكت خالد وخرج إلى منزله، وأقبل مروان فدخل على أمّ خالد بنت أبى هاشم بن عُتْبة بن ربيعة وهى امرأته فقال لها: ما قال لك خالد ما قلتُ له اليوم وما حدّثك به عنى؟ فقالت: ما حدّثنى بشيء ولا قال لى. فقال: ألم يشكُنى إليك ويذكر تقصيرى به وما كلّمتُه به؟ فقالت: يا أمير المؤمنين أنت أجلّ في عين خالد وهو أشدّ لك تعظيمًا من أن يحكى عنك شيئًا أو يجد من شيء تقوله، وإنّما أنت بمنزلة الوالد له. فانكسر مروان وظنّ أنّ الأمر على ما حكت له وأنّها قد صدقت.

ومكث حتى إذا كان بعد ذلك وحانت القائلة فنام عندها فوثبت هى وجواريها فغلّقن الأبواب على مروان ثمّ عمدت إلى وسادة فوضعتها على وجهه فلم تزل هى وجواريها يغممنه حتى مات، ثمّ قامت فشقّت عليه جيبها وأمرت جواريها وخدمها فشقَقْنَ وصِحْنَ عليه وقلن: مات أمير المؤمنين فجأة. وذلك في هلال شهر رمضان سنة خمسٍ وستّين، وكان مروان يومئذٍ ابن أربعٍ وستّين سنة، وكانت ولايته على الشأم ومصر لم يَعْدُ ذلك ثمانية أشهر، ويقال ستّة أشهر.

وقد قال عليّ بن أبى طالب له يومًا ونظر إليه: ليحملنّ رايةَ ضلالة بعدما يشيب صدغاه وله إمْرة كلحسة الكلب أنفَه.